TOP

جريدة المدى > عام > تاريخ الرقابة على المطبوعات

تاريخ الرقابة على المطبوعات

نشر في: 5 إبريل, 2014: 09:01 م

 ترجمة: عادل العاملإن تاريخ الكتاب هو أيضا تاريخ العلاقات المعقدة التي أقامتها السلطة دائما مع الذين يكتبونه أو يصنعونه. فعلى خط الالتقاء بين السياسي والاجتماعي ، بين الاقتصادي والثقافي كانت الرقابة فاعلا كلي الحضور في تاريخنا .. هذا فصل من كتاب صدر

 ترجمة: عادل العامل
إن تاريخ الكتاب هو أيضا تاريخ العلاقات المعقدة التي أقامتها السلطة دائما مع الذين يكتبونه أو يصنعونه. فعلى خط الالتقاء بين السياسي والاجتماعي ، بين الاقتصادي والثقافي كانت الرقابة فاعلا كلي الحضور في تاريخنا .. هذا فصل من كتاب صدر حديثا يتناول تاريخ الرقابة على المطبوعات وظهور فكرة الممنوع على النص المكتوب.
مراقبة الكتب قبل المطبعة
كانت الكتب في القرون الوسطى تصنع واحداً واحداً "باليد" وكان ذلك "احد شروط الحياة الفكرية" بالتالي انتشار الأفكار بواسطة الكتابة، وكان مهنيو الكتاب، النساخ أو أصحاب المكتبات موظفين صغارا في الجامعة يتبعون لها على الصعيد الإداري والقضائي وكانوا ينعمون بامتيازات مثل الإعفاء من الضريبة والحراسة ولكنهم كانوا يخضعون لرقابة دقيقة، تمارس عليهم حتى قبل بدئهم بالعمل من خلال إخضاعهم لتحقيق مسبق.
بعد القسم ودفع كفالة يصبح موظف الكتب الذي يوصف بالحارس، في مركز نظام تأجير النسخ التي تنجز للمخطوطة-المرجع التي تبقى في حوزة الجامعة، في هذا النظام للإعارة المأجورة، الذي اصبح القاعدة العامة في زمن الكتاب الجامعي والعلماني بدءاً من القرن الثالث عشر لا تنفصل مراقبة نوعية النص واحترامه عن نوعية الأفكار التي يحملها، كذلك تزود الجامعة موظفي الكتب الحراس ونساخهم بالورق الذي اصبح يستعمل اكثر فأكثر في الكتب العادية إلى جانب الجلود التقليدية والذي كان يبيعه تجار الورقة المحلفون الذين كانوا بدورهم يتمتعون بامتيازات تربطهم بالنظام القائم.
أصعب من ذلك مراقبة المخطوطة التي تعطى من قبل الكاتب لأصدقائه الذين ينسخونها ويوزعونها في مابينهم بعض الكتب يمكن ان تؤجر من قبل الكاتب نفسه على شكل نسختين أو ثلاث تنجز من قبل محترف خاص في الجامعة وكتب أخرى تسرق أو تعار وتنسخ بسرعة من قبل القراصنة الأوائل للنشر، الذين يستطيعون ان يدخلوا عليها كل التشويهات الممكنة، أما دروس الأساتذة فكانت تنسخ من قبل طلاب مأجورين، كتاب التقارير، وتدخل بعد ذلك في النظام المراقب للإعارة المأجورة ولكن الجامعة لم يكن لها سلطة على تدوين الدروس من قبل بعض الطلاب الذين يؤجرونها بعد ذلك في ما بينهم.
في جميع الأحوال، هذا الدوران للمخطوطات غير المراقبة، حيث يمكن ان تنزلق بعض الأفكار "المهرطقة" لا يمكن إلا ان يكون بطيئاً".
ثورة المطبوعات
ولدت المطبعة في مايانس في أواسط القرن الخامس عشر وانتشرت في أوروبا بين عام 1470 و1520 كان الطباعون الأوائل يتنقلون كثيراً، وهذا التحرك سرع توزع مراكز الطباعة ن مدينة واحدة فرنسية في باريس كانت تملك محترفا عام 1470 (لأن ستراسبورغ التي سبقتها بعشر سنوات لم تكن جزءاً من المملكة)، في عام 1500 أصبح هناك، 36 محترفا في التاريخ نفسه، كانت إيطاليا تملك 75 محترفا وألمانيا 52 محترفا وتقدر المطبوعات التي خرجت من المطابع الأوروبية في أواخر القرن منها في باريس وليون.
فخلال نصف قرن إذن طبع ما بين عشرة ملايين نسخة وبين خمسة عشر مليون نسخة – بينها الكتب والملصقات والبراءات.
الحماسة والتعلق
لم تكن ظروف القرون الوسطى لمراقبة الكتاب المخطوط مهيأة بالطبع للثورة المدركة بالأحرى كاكتشاف لتسهيل انتشار المعرفة والكلام المقدس، في عام 1487 كتب أدولف اوكو طبيب مطران اوكسبورغ لاحد المطبعيين بأن "المطبعة أنارت فعلاً هذا القرن بفضل رحمة كلي القدرة، ولكن الزوجة المقدسة ليسوع المسيح، الكنيسة الكاثوليكية هي بشكل خاص مدينة لها..
في باريس عمل الطابعون الأوائل الذين جاءوا من ألمانيا بدعوة من قبل عضوين من الجامعة، على مطبعة أقيمت في مكتبة السوربون، وهكذا ولد "الفن الإلهي للمطبعة".. كما كان يسميه جان دولا كاي عام 1689 بالقرب من مدارس اللاهوت في اطار الجامعة وتحت رقابتها، لقرون عدة سوف تدعي الجامعة بأنها هي اصل المطبعة لتبقى سيدة الرقابة.
في الواقع كان هناك العديد من الكتب يصدر دونما رقابة، مثلا بين عامي 1798 و1521 من اصل 500 طبعة خرجت من مطابع جوس باد كانت هناك ثلاث فقط تحمل إذنا بالطبع من الجامعة.
لم يكن كل الناس متحمسين للفن الجديد، لقد لاحظ مارتان لوري عندما درس أصول المطبعة في البندقية انه داخل الجمهور الضيق المعني بالكتاب كانت ردود الفعل متنوعة جدا، تتراوح بن الدعم الحماسي وبين الرفض المطلق..
بالنسبة إلى دكتور اللاهوت الدومينيكاني من البندقية فيليبو دي ستراتا فالطابعون مشردون وكسالى جهلة، وطموحون الخ.. بإغراقهم المدينة بالكتب الرخيصة التي يستطيع شراءها حتى الأطفال، يعرضون المجتمع والأخلاق للخطر اتهم، فرافيليبو بعض الطابعين بإنتاج كتب عن الأساطير الوثنية وأشعار جنسية لاتينية، أما الدين فهو مهدد بترجمة "الكتاب المقدس" إلى اللغة العامية التي قد تقود الناس البسطاء إلى دروب الهرطقة.
وهكذا بين الأعوام 1473 و1495 ،اكد راهب دومينيكاني غامض ورجعي من البندقية ثلاث خطايا للمطبعة تبرر خلال خمسة قرون كل أشكال المراقبة، إنها تهدد النظام الاجتماعي والأخلاق والدين. بالنسبة إلى فرافيليبو يجب منعها، لأنها أسوأ من الدعارة..هذه الانتقادات وجدت صدى لها في قمة التراتيبية الدينية.
-منذ عام 1475، تلقت جامعة كولونيا من البابا امتيازاً "يسمح لها بمراقبة الطابعين والناشرين والكتاب وحتى قارئي الكتب الضارة".
-في عام 1487، اهتم البابا انوسان الثامن بإخضاع المطبعة إلى مراقبة الكنيسة، وقد كلف برتولد اسقف مايانس راهبين من الكاتدرائية ودكتورين اثنين بتفحص الكتب، وعام 1496 منع نشر أي كتاب من دون موافقة.
-في عام 1501 وسع ألكسندر السادس (والد قيصر ولوكريس بورجيا) المنع ليشمل كل ألمانيا، في تلك البراءة المؤسسة للرقابة لم يكتف بالطلب من الذين يعطون هذه الأذونات بالسهر "على عدم طباعة أي شيء يكون ضد استقامة وملحد أو ما يسبب فضيحة معينة". بل دعا الطابعين إلى إعداد "فهارس بكل الكتب المطبوعة" وتسليم الكتب المطبوعة التي تحتوي شيئا مضادا للإيمان الكاثوليكي ملحدا صادما أو شريراً.." وذلك دون تحفظ أو غش".
برغم هذه الإجراءات المتنوعة التي تدل على قلق حقيقي من الاستخدام السيئ من قبل البعض لهذه التقنية الجديدة فان محتوى الكتب لا يبدو انه شكل مشكلة إلا بصورة عرضية حتى العشرية الثانية من القرن السادس عشر، ولكن يكفي ان تحصل أزمة أيديولوجية كبرى في الغرب حتى تكشف المطبعة على الملأ عن ذلك الدور الذي لايزال ينظر إليه بصورة سيئة، وهو دورها كخميرة ثقافية ، ان لوثر والإصلاح الديني سيعطيان للمطبعة الوسائل ويؤمنان تطورها الكبير، وفي الوقت نفسه يؤمنان تطور الرقابة.
كتاب/ histoire de censure
تاليف/ Robert netz

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

مقالات ذات صلة

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي
عام

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

د. نادية هناويإنَّ الإبداع أمر عام لا يختص بأدب دون أدب ولا يكون لأمة بعينها دون غيرها كما لا يؤثر فيه تفوق مادي أو تقدم حضاري، بل الآداب تأخذ وتعطي ولا يهم إن كان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram