تبدو مثيرة للدهشة ردود الفعل الغاضبة على كشف وزيرة بحرينية عن وجود أفراد من قوات الدرك الأردنيين في البحرين، وهي لم توضح إن كانوا هناك للمشاركة في قمع معارضي الحكومة ولاحقاً قيل إنهم يقومون بمهمات التدريب، والمعارضة البحرينية وجدتها فرصة للقول إن من يقمعها هم مرتزقة ونشرت الأسماء والرواتب التي يتقاضاها كل فرد من أفراد تلك القوة البالغ عديدها 500 دركي، فوجود جنود أردنيين في البحرين ليس سراً، على الأقل هناك 500 عائلة تعرف أن أبناءها موجودون هناك، وهي راضية بذلك إن لم نقل إنها سعيدة بسبب تحسن وضعها المادي، ومعروف أن هناك واسطات تبذل ليفوز الجندي أو الدركي بمهمة خارجية يتحسن فيها وضعه المادي، وتفخر المؤسسة الرسمية بمشاركة الجيش الأردني في قوات حفظ السلام في أكثر من بقعة يسودها التوتر أكثر بكثير من الوضع في البحرين، وقد استشهد من هؤلاء كثيرون في سيراليون وغيرها، وشيعت جثامينهم باحتفال عسكري علني، ولم ينكر أحد المواقع التي لقيوا حتفهم فيها ولا طبيعة مهمتهم هناك.
السؤال اليوم عن أسباب الغضبة المضرية والمطالبة المتشنجة بإعادتهم فوراً إلى أرض الوطن، وهل ذلك ناجم عن تعاطف شعبي مع المعارضة البحرينية، على بعد المسافة والفهم أن تلك المعارضة مدعومة من إيران، والمملكة البحرينية تبحث عن دعم عربي لمواجهة ذلك يتمثل بعلاقات أكثر من متميزة بلغت حد المصاهرة مع المملكة العربية السعودية، ومتينة وتاريخية مع ملوك الهاشميين، وتجلت في حصول الكثير من أبناء الأردن العاملين في البحرين على جنسيتها بكامل الحقوق، حتى أن أكثر من واحد منهم ترشح لعضوية مجلسها النيابي، وليس سراً أن الكثير من الشباب الأردني يتمنى الحصول على فرصة عمل هناك رغم أن رواتبها لا تقارن برواتب غيرها من الدول الخليجية لكن هامش الحرية فيها يبدو مغرياً للبعض للبحث عن فرصة هناك.
في البحرين أخذت ردة الفعل منحى آخر لكنه يتشارك مع رد الفعل الاردني بالغضب، فقد اعتبرت حكومتها تسريب أسماء الدرك الأردنيين جريمة تستوجب التحقيق للوقوف على ملابسات الموضوع والمتسببين فيه ومن يقف وراءه، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في هذا الشأن، مع التأكيد على أن قوة الدرك الأردني تعمل في مجال التدريب ضمن منظومة التعاون الأمني بين المملكتين، في حين أكدت وزيرة الإعلام البحرينية أن الأمر ما هو إلا وفق اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين، وهذا أمر معروف وقديم ومستمر وإن كان الإعلان عنه يأتي في إطار تطبيق اتفاقية التعاون الأمني وبرامج التدريب، التي يتم تنفيذها في هذا الشأن، والتي شملت الالتحاق لغايات التدريب، وأعربت المنامة عن اعتزازها بما وصلت إليه العلاقات البحرينية الأردنية من مستوى متقدم على صعيد التعاون الأمني في كل مجالاته، وتفعيل أوجه التنسيق، وذلك انطلاقًا من عمق العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
لم ينكر الطرفان الأمر، بل زادت عمان بالقول إن هنالك متقاعدين عسكريين يتعاقدون بصفة شخصية مع السلطات البحرينية المسؤولة، وأن الأردن سيستقبل المئات لتدريبهم في عمّان خلال الصيف المقبل في السياق المعلن نفسه، وسيعلن في وقتها عن تفاصيل عمليات التدريب التي تتم في مراكز متخصصة أنشئت لهذه الغاية، أما لماذا الضجة المثارة فإن الجواب يكمن في المناكفة، مع تقديري أن معظم الغاضبين يتمنون لو يذهب أبناؤهم الجنود إلى البحرين.
درك أردني في البحرين.. لماذا الغضب؟
[post-views]
نشر في: 5 إبريل, 2014: 09:01 م