من أشد عيوب الحاكم، الذي لا يسمع ولا يرى، تصوره ان كل الناس قد انطلت عليهم اللعبة. حتى هو نفسه ينسى نفسه فيطلق العنان لتصريحات يتصورها نظريات لم يسبقه لها احد لا في السماوات ولا في الأرض.
كم دوختنا قناة العراقية وأخواتها بان المالكي هو أول من كشف بان الأسد لا يسقطه الحل العسكري وان لا خيار أمام الأطراف المتصارعة غير ان تتحاور وبدون تدخل اجنبي؟ اكثر من مرة سمعت المالكي يمتدح روحه في هذا وكأنه يقول اشهدوا لي عند حنان الفتلاوي بأني أول من قلتها، وكأنه قد اخترع "الجاجيك" كما يقول العراقيون في قفشاتهم.
ولأن لا أحد صاح به: يمعود، ان الذي تقوله سيضحك العقلاء علينا، عاد وكرره أمام محرر مجلة "دير شبيجل" الألمانية في 17/ 3/2014. أتعرفون ماذا رد عليه المحرر؟ بالنص قال له: عذرا، لكن هذا سذاجة Sorry, but that's naïve! آه لو يعلم هذا الألماني ماذا فعلت بنا السذاجة.
في الحوار ذاته ادعى المالكي بدم بارد انه لا يخاف ولا يعرف الخوف. ولكي يثبت ادعاءه قال للصحفي الألماني ان السياسي لا يهرب لمجرد ان حياته في خطر! كاد المحرر ان يشق قميصه ليرد عليه: لمجرد؟! يمعود انته دتتشاقه لو تستحي اتكول الصدك؟:
Just because? Are you joking or being coy?
ما أراد الألماني قوله ان الإنسان السوي يهرب من الخطر اذا هدد حياته، ولا يعد ذلك جبنا. لا بل ويفعل ذلك اغلب الحيوانات أيضا. لم يجد المالكي غير ان يشبه نفسه بالإمام علي في ذلك. أعلي بن أبي طالب ينام في الخضراء آمنا على أهله وعياله والرعية مكشوفة للقتل في كل ثانية؟ يا عمي شيجيبك شيوصلك؟
هاي انت الما خايف عود، وصارلك 8 سنوات ما ماشي على طولك شبرين خارج الخضراء، جا من تخاف شتسوي؟
تكلم المالكي عن إيمانه مشبها نفسه بإيمان الإمام علي الشجاع وكيف ان عليا لم يمت بالحرب بل مات وهو يصلي. حتى هذه ما عبرت على الألماني فأجابه: نحن لا نؤمن تماما بانك مضح بنفسك. وسأله: أليس أنك في اقل الأحوال طالب سلطة؟ طبعا ظل صاحبنا يلغمط ويجيبها منّا ويوديها مناك.
يقول أهلنا: البيه زومة يطلع للخيل. وهكذا كان الإمام علي الذي لا يخاف حقا. لست أنت الذي لا تخاف يا حجي بل ذلك الطفل الذي يحمل العلاليك ليبيعها بشوارع الموت ليعيل امه الأرملة وأخواته اليتيمات اللواتي فقدن والدهن بسبب عجزك عن حمايته. الذي لا يخاف ليس انت بل أبو حسين الساكن في الجوادر يوم يحمل قزمته ويخرج للمسطر الذي يتربص به الإرهابيون حالما بلقمة شريفة وهو ابن بلد غني تجثم انت على خزينته.
لا يحق لكل من اختار الخضراء جحرا ان يدعي الشجاعة. الشجعان أطفالنا الذين يذهبون للمدارس بطرك صدورهم العارية ولا سلاح يحميهم غير دعوات أمهاتهم. الشجعان من يعبرون الجسر مشيا على الأقدام رغم انف المفخخات والمفخخين والطغاة والمستقتلين من اجل كرسي تعفّن في الخضراء لأنه لم يذق طعم شمس العراق. وصاحبه تأكسد صدره بفعل الإدمان على ثاني أوكسيد الخوف. والله ان كرسيه هذا لو شم هواء العراق النقي لهوى.
الرابط:
http://www.spiegel.de/international/spiegel-interview-with-nouri-al-maliki-on-upcoming-elections-in-iraq-a-959478.html
المالكي بالألماني
[post-views]
نشر في: 8 إبريل, 2014: 04:03 م