TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يوم الحواسم

يوم الحواسم

نشر في: 8 إبريل, 2014: 09:01 م

بغداد في يوم 9-4 من العام 2003 كانت خالية من اغلب سكانها الذين تركوا منازلهم ،واتجهوا الى مناطق اخرى مع موادهم الغذائية ،   ليقيموا في قرى ومدن اخرى لم تشهد عمليات عسكرية ، وقصف الطائرات وسقوط الصواريخ ،  وبانقطاع التيار الكهربائي ، لم تتوفر للكثيرين متابعة "حرب السيطرة " الا من خلال قناة ايرانية  يلتقطها البث الارضي ، اما التلفزيون العراقي ، والاذاعة ، فانقطع  بثهما ، لتعرض محطاتهما البديلة للقصف المتكرر  ،فيما اصدرت جريدة بابل التي كان يرأس تحريرها ، عدي صدام حسين ، في التاسع من نيسان عددها الاخير باربع صفحات من الحجم الصغير ، وتضمن العدد مقالا  افتتاحيا ،اكد  فيه الكاتب،  صمود الشعب العراقي والتفافه حول قيادته الحكيمة  لتحقيق النصر في معركة الحواسم  ، وان الغزاة سيلقون حتفهم عند أسوار بغداد .
في الخامس من نيسان اختفى وزير الاعلام محمد سعيد الصحاف ، وموظفو مكتب الوزارة المشرف على عمل وسائل الاعلام العربية  والاجنبية ،  فاثار غياب الوزير والموظفين  من مقرهم الكائن في فندق المريديان  تساؤلات  الاعلاميين  ولاسيما انهم كانوا تحت رقابة صارمة ، ولايحق لهم بث معلومات عن سير المعارك وتطوراتها الا بعد الحصول عليها من مصادر رسمية ، بمعنى اخر من مؤتمرات الصحاف الصحفية ،  وتزامن غياب المسؤولين ،مع اول ظهور لمدرعات اميركية قرب القصر الجمهوري  في الضفة الاخرى من نهردجلة .  
فندق اخر  في شارع السعدون خصص لسكن رجال العشائر القادمين من معظم محافظات العراق لم تتوفر لنزلائه حقيقة  التعرف على  الموقف ، ولم يصدقوا انباء  سقوط التمثال ،على الرغم من ان مكان الحدث  قريب منهم ، فرفضوا اوامر صاحب الفندق بالمغادرة ،لانهم وصلوا الى بغداد  استجابة لدعوة من جمال مصطفى  المسؤول في  ديوان الرئاسة للقاء الرئيس ،  ليجددوا العهد     ويرددوا اهزوجة" احنا اجنودك بالميدان اسمع  يا القايد" ثم التوجه لسوح الوغى  للدفاع عن العراق ومقاومة "العلوج " .
 بعد اقل من ساعة على اسقاط  التمثال في ساحة الفردوس ، شب حريق في مبنى اللجنة الاولمبية  ، ونهبت محتوياته ، ثم انتقلت عدوى السلب والنهب والحرق الى  جميع المباني الحكومية ،  رافقها   اطلاق نار من رشاشات متوسطة وخفيفة ، فيما انشغلت جميع وسائل الاعلام  بتغطية احداث "الحواسم " وبطلها علي بابا،  وفي  تلك الاثناء ، توصل نزلاء الفندق من دعاة مقاومة العلوج الى قناعة اكيدة بانهم فقدوا فرصة لقاء الرئيس ،  فاتجهوا الى منازل  معارفهم في احياء بغداد  سيرا على الاقدام  .
معركة الحواسم تحول اسمها  الى دلالة  واضحة لاعمال السلب والنهب ،  ومنذ  التاسع من نيسان من العام الفين وثلاثة وحتى الان اصبح "التحوسم" ظاهرة عراقية بامتياز ،  ثم انتقلت الى بلدان اخرى  شهدت اعمال شغب، والظاهرة  جعلت  العراق  يحتل المرتبة الاولى في قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم ، لان "المحوسم" في المرحلة الحالية ، يشغل منصبا رسميا  رفيعا ، في "العراق الجديد "  بمباركة العلوج . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. فد واحد

    الاستاذ علاء هدية مني الك تقسيم الكعكة واعتراف صريح بحوسمة واستفادة غير طبيعية وبطرق قانونية من قبل النواب رجاءا شوف هذا اللنك وشكرا https://www.facebook.com/photo.php?v=247019342153701 set=vb.148518948670408 type=2 theater

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram