يمكن ان نساعد انفسنا في مواجهة "حيرة" الأصدقاء بشأن سؤال "من سننتخب" ومن هو بديل فريق السلطة القائم حالياً، عبر مدخلين: ان بديل نوري المالكي ليس بشراً، بل حزمة اصلاحات باتت واضحة نسبياً. وأن صيغة التعايش في البلاد يمكن ان تنتعش بقوة اذا اثبتنا ان نظامنا السياسي صالح لنقل السلطة وتداولها.
جمهور عراقي واسع يعلن كل يوم "كفره" بالعملية السياسية، ويكتسب هذا طعمه المر كحلم مبدد في الذكرى ١١ لسقوط الدكتاتور. ولكن سقوط السياسة لن يقودنا سوى الى شرعنة العنف وتمزيق الجماعات البشرية، بعضها لبعض. ويحاول عقلاء (وأنصاف عقلاء) في هذه البلاد ان يعيدوا للعمل السياسي اعتباره كفن لتدبير الشأن العام، بأقل الخسائر وأقرب الأساليب، وتظل مهمتهم صعبة لانهم في مواجهة مجانين (وأنصاف مجانين) يحملون المال والسلاح ويستفيدون من الفوضى وتقاطع أصوات المتصايحين، من بعلبك وحلب حتى النجف خراسان. وجزء أساسي من محنتنا هذه ان رأس السلطة لم يمارس السياسة، بل راهن على قوة متوهمة وبالغ في الاعتماد على حلفاء خذلوه وخذلونا، وفقد خيوط التفاهم مع مراكز القوى التقليدية، ومع الناس.
والطريق نحو إعادة تشكيل إيمان الناس بجدوى السياسة، هو إتاحة الفرصة لفعل مؤثر يدل على أننا اصبحنا في غنى عن حمل السلاح، خلال سعينا لأخذ الحقوق وتنحية من فشل في أداء المهمة. ولذلك فإن انتخابات الشهر الحالي ليست مجرد مناكفة لفريق نوري المالكي، ولا فعل بروتوكولي عابر، بل هي محاولة أخيرة ربما، لتشجيع طيف واسع من أبناء بلادنا على استعادة إيمانهم بجدوى السياسة في العراق، حين يشاهدون ان أهل الحل والعقد نجحوا في تداول السلطة، والمجيء بفريق معتدل يحسن صناعة التسويات وتهدئة الخواطر.
الفريق الجديد الذي نطمح الى وصوله للسلطة عبر انتقال سلس وانتخابات يحميها الجميع، ستكون على طاولته خطة إصلاح سياسي نضجت بثمن صبر الناس ودمائهم العزيزة من البصرة حتى الموصل، وطوال ١١ عاماً قاسية.
فطيلة ٢٠١٣ نجح البرلمان والتنسيق العالي بين الأطراف المعارضة لنهج المالكي، في طرح مشاريع قوانين، بعضها مر، والآخر جرى تنضيجه وتلكأ، والثالث طعن به المالكي عبر مدحت المحمود وأوقفه.
ان حزمة التشريعات تلك يجب ان لا تنسى، وهي البرنامج الحقيقي للقوى الرئيسية التي دعت لإصلاح النظام في اربيل والنجف وبغداد، واجتمع ممثلوها مؤخراً في البصرة ونينوى منادين بتفعيل اللامركزية الادارية.
وفي حزمة التشريعات تلك، فضلاً عن تعديل صلاحيات المحافظات، كان هناك قانونان لم يريا النور لكنهما حظيا بنقاش جيد، هما مجلس الخدمة المدنية الذي سيضمن آلية بمعايير واضحة لضبط التعيينات الحكومية، وقانون مجلس الاتحاد "مجلس الشيوخ" الوارد في الدستور والذي تأخر إقراره منذ ٢٠٠٥، وضاع وسط الأزمات. وهو غرفة ثانية في البرلمان توازن المواقف وتضمن تمثيلاً مساوياً للمحافظات بغض النظر عن عدد سكانها، لإشعار المحافظات الأقل سكاناً بأن كلمتهم مسموعة. وأيضاً كان لدينا تشريع خطير مر نصفه ثم تلكأ، وهو قانونا مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية، فقد مر الاول ومثل نقطة اصلاح مهمة فصلت بين منصبي رئيس القضاء ورئيس المحكمة الاتحادية، لتعقيد وتصعيب محاولات اي رئيس حكومة، في التدخل بالقضاء. لكن المالكي طعن، والمحمود مرر، وتوقف الجهد هذا مع اندلاع حروب بلا نهاية في وسط البلاد.
لكن حزمة التشريعات هذه، تمثل الاطار التنفيذي لعملية انقاذ البلاد، وتقييد سلطة اي رئيس وزراء مقبل، يخدعه بريق المنصب ولذائذ الاطماع، وسنوثقها ولن ننساها، كي نضعها على طاولة البرلمان الجديد، سواء أكان رئيس الحكومة المقبل حليفاً ام خصماً.
ان بديل المالكي ليس بشراً، بل مجموعة اجراءات ستعيد للناس إيمانهم بالسياسة، وتقطع الطريق على داعش وباقي المسلحين، وتترجم القوى الحزبية عبر التزامها به، شعور الجميع بأن انفلات القانون وتفرد السلطة، سيغرقنا جميعاً، وخاصة حين يمكن لسد صغير على الفرات ان يصيب الملايين بعطش لادواء له!
من ستنتخبون وبديل السلطان
[post-views]
نشر في: 9 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
أبو سعد
إصلاح سياسي نضجت بثمن صبر الناس ودمائهم العزيزة من البصرة حتى الموصل، وطوال ١١ عاماً قاسية....!وباقي العراق ومعاناتهم وين صار اطال الله عمرك.
مؤيد الراهي
التيار المدني الديمقراطي احد الخيارات للخلاص من ولادة دكتاتور جديد وبختيارك لهذا التحالف تعدل كفة الميزان لصالح ديمقراطيه ممكنه لمستقبل أولادنا في العراق فلا تبيع صوتك الانتخابي ولا تتقاعس بالذهاب للانتخاب فآن لم تفعل ذالك سيبقى هؤلاء يتحكمون بمصير العراق