لم تكن خسارة نادي الشرطة أمام القادسية الكويتي في المرحلة قبل الأخيرة من مرحلة المجموعات في كأس الاتحاد الآسيوي بثلاثية نظيفة وليدة الصدفة أو كبوة جواد أصيل ..إنما هي إشارة لا تقبل التأويل أو التشكيك أو المجاملة الزائفة بان أنديتنا لازالت تعيش تحت ضغط التخبط والمزاجية والتقلب بالنتائج على أرضية رخوة تشتد في صلابتها مع فورات عطاء اللاعبين (المتباينة) بين ساعة وأخرى فتحقق انتصاراً هنا أو هناك وتراها تغوص في الفشل الذريع مع انطفاء جذوة الاندفاع وتبدل أهواء ذات اللاعبين.
الهزيمة حضرت وسط حضور رئيس الهيئة الإدارية وجماهير عراقية غفيرة كانت تراقب المباراة الدراماتيكية من على شاشات التلفاز حين كانت كل الدلائل تشير إلى أنها ستكون محسومة للقيثارة الخضراء بعد طرد احد لاعبي القادسية منذ الدقائق الأولى إلا أن منطق ما تطرقنا إليه آنفاً فرض الرؤية ولم يوقد في تفكير اللاعبين جذوة استثمار الظروف وتحقيق السيطرة الميدانية والظفر بثلاث نقاط في غاية الأهمية ، وبدلاً من ذلك تركوا خصومهم يتلاعبون بخط الدفاع كيفما شاءوا ويخترقون الخطوط في الوقت والجهة التي يرونها مناسبة بعد أن تلاشت كل الخطط وغرق أصحاب الخبرة في مستنقع التخبط بينما انكشف خواء الفكر التدريبي للمدرب البرازيلي الذي جاء إلى العراق بصفقة يبدو أنها دعائية أكثر من كونها حاجة فعلية تخدم تطوير أسلوب وأداء النادي العريق.
المشهد المحزن لم يكن مقتصراً على الأداء السيء وإنما تعداه إلى استمرار التراجع المحير لأنديتنا في مواجهة شقيقتها الكويتية ومعها تفرض جدلية ضعف الدوري العراقي وتراجعه المتواصل برغم اكتساح رغبة التعاقد مع اللاعبين المحترفين من مختلف الجنسيات والمدارس لنصل إلى نتيجة مخيبة أثبتت أننا لازلنا نفتقد إلى القدرة على استقطاب العناصر المميزة التي تضيف المتعة والقوة وتخدم خيارات الملاك التدريبي وبالتالي الارتقاء بالأداء الى مستويات أعلى إلا إن ما يجري الآن لا يتعدى التفاخر بدخول عالم الاحتراف والتعكز على جنسية المتعاقد معه واستثمار ذلك في الترويج لقدرة الهيئات الإدارية في تحويل مسار أنديتنا نحو الاعتماد على اللاعب المحترف وصرف الأموال عليهم بينما اختفت مفاهيم اكتشاف المواهب المحلية أو التركيز على الطاقات الشابة التي يتم ترحيلها من الفئات العمرية للاستفادة منها في الخط الأول للنادي.
المعضلة لا تتعلق بنادي الشرطة وإنما هي حالة عامة بدأت تهدد سمعة الكرة العراقية حتى وان استند من يخالف هذا الرأي الى وجود انتصارات معينة لأندية أخرى خارجياً..لأننا ما نرمي إليه هو الاستقرار الفني المتوازن والتصاعد في الأداء والثبات في الميدان والقدرة على فرض الأسلوب والتعامل مع الظروف المتغيرة وليس التراوح بين خطف الفوز بسهولة من الفرق الضعيفة والتهاوي في أحضان الهزيمة عند أية مواجهة مع أندية تمتلك بعض عناصر القوة وتعرف كيف تطفىء وهج الاندفاع لديهم.
نقول : نحن بحاجة فعلية إلى إعادة النظر بكل (مشروع دوري المحترفين) ووضع الضوابط الملزمة التي تحدد من عشوائية الاختيار والتعاقد من جهة وتتيح فرصاً أكثر للاعب المحلي في إثبات قدراته الفنية وحجز مكان له في أنديتنا من جهة أخرى ، مع العمل على منح دفعة معنوية للدوري المحلي وفرض الهيبة والاحترام له من خلال الثبات على منهاج سنوي مدروس يبعد عنه التأجيلات المستمرة ويقضي على حالة التباين في الأداء والاندفاع الذي بات فريسة لعوامل التوقف والتأجيل ومشاكل التحكيم والقرارات المتسرعة وأهواء المشاركات الخارجية المفاجئة من دون أن يكون لدينا نظام عمل يتضمن التوقيتات والمباريات المحلية والاستحقاقات الخارجية بكل أشكالها يكون هو بمثابة منهاجٍ ملزمٍ للجميع بعيداً عن التأويل والتشكيك والتناحر المستمر الذي ابتلينا به ويبدو إننا سنبقى نجني ثماره المرّة !
الشرطة ..في قبضة الوهم !
[post-views]
نشر في: 9 إبريل, 2014: 09:01 م