تقوم الدول الاستبدادية على قاعدة القائد الأوحد البطل الأسطوري الذي ينقذ البلاد من محنتها بأبسط شروط ومطالب العدالة الاجتماعية.
يكتب ايزنهاور في رده على رسالة وجهها طالب امريكي يسأله عن معنى الزعامة بالقول: عندما تتألف امريكا من زعيم واحد ومئة وأربعين مليون تابع فأنها لا تعود امريكا، حربنا الاخيرة لم يربحها رجل واحد بل ربحها الملايين من الرجال والنساء، وفي السلم يقود زمام هذا البلد أيضا ملايين الرجال والنساء".
عندما احس القائد الوطني جعفر ابو التمن بأن الحكومة تريد تعطيل عمل مجلس النواب قاد جماعة من السياسيين ليعرض مطالب الشعب على الملك فيصل الاول مطلقا مقولته الشهيرة في شجاعة "لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا فوالله الذي لا إله إلا هو إننا لا نورث ولا نستعبد بعد اليوم". يحاول اليوم بعض السياسيين ومعهم وسائل اعلام تغذية نوع جديد من الدكتاتورية اطلق عليه "الدكتاتورية الأبوية" وهذا المدلول يمثل تماما العلاقة بين الأب والأبناء في الأسرة أو العلاقة بين رئيس القبيلة ومرؤوسيه. ويمكن تحديد صفات تميز هذا النوع من الدكتاتويات: 1- عدم المحاسبة عن نتائج أعماله، او عن طريق مؤسسة قضاء مستقل أو سلطات مجتمع مدني.2- دائما ما يستند هذا النوع من الدكتاتوريات إلى مرجع أخلاقي أو ديني، و لكن بدون وجود سلطة محاسبة على الالتزام بهذه المراجع. 3- اقترابه من مرتبة التقديس الإلوهية أو كما ذكر الكواكبي "إنَّه ما من مستبدٍّ سياسيّ إلى الآن إلا ويتَّخذ له صفة قدسيّة يشارك بها الله، أو تعطيه مقامَ ذي علاقة مع الله بالعودة إلى موضوعة الدكتاتورية العادلة تجد أن مفهوم العدل المرتبط بشخص الدكتاتور انما هو نوع مزيف فما هو العدل الذي سوف يتميز به الديكتاتور، وبماذا يختلف عن العدل الذي يتم بالخضوع لقوانين الدولة أو تشريعاتها، هذا التصور".
يكتب مونتسكيو في كتابه الشهير روح القوانين ان الديكتاتور هو: الذي ينفرد بالرأي والحكم وفقا لأهوائه ورغباته دون مشاورة أو استرشاد من أحد، ولا يملك أية فضيلة يعتمد عليها في تأكيد مشروعيته السياسية سوى ما يحاول أن يزرعه في أذهان وقلوب المجتمع من الخوف والمهانة، بحيث لا يكون في نفوسهم سوى الترهيب والتخويف، اعتقادا منه بأن ذلك يوفر الطمأنينة والسلام "..تخبرنا تجارب الشعوب بان اكثر من عشرة رؤساء تغيروا في امريكا منذ منتصف القرن الماضي، وتقلبت فرنسا من الديغولية الى الاشتراكية الى الوسطية اكثر من مرة، وخرج من الحكم زعماء في بريطانيا بحجم ماكميلان وتاتشر ولم تقم مظاهرة في نيويورك او باريس او لندن، ولكننا في العراق ما ان قررنا ان نفتح نوافذ للحرية وان نتخلى عن نموذج " القائد الضرورة"، حتى وقف البعض من ساستنا ضد هذه الفكرة المجنونة، مصرين على ان نبقى نردد مثل الببغاوات "بالروح بالدم.. نفديك يابطل" يحاول ائتلاف دولة القانون ايهام الناس ان العراق سيذهب الى المجهول بذهاب المالكي ،المطلوب ان تغيب العقول وراء ضباب الجهل، مظاهرات واحتجاجات يقودها مسؤولون وساسة يريدون تزييف الوقائع بشعارات فارغة من اجل حاكم يجثم على نفوس المارة في اي من شوارع اليوم الناس بحاجة الى بناء دولة حديثة. وهذا يعني أن كل "البكتيريا" المضرة التي تكونت على جسد الحكومة والبرلمان ومؤسسات الدولة، لا بد من مكافحتها وازالتها باجود انواع "مبيدات" الديمقراطية.. فلامكان لمسؤول وسياسي يعتقد ان المنصب فرصة للاثراء بسرقة البلاد.. فالمكان فقط لدولة، تتحقق فيها الحريات العامة، ويجد فيها المواطن مناخا للتعايش لا للسيطرة من طرف واحد. هذه هي الديمقراطية التي لن تقف في انتظار إشارة مرور من حنان الفتلاوي أو موعظة من إبراهيم الجعفري.
المالكي وكراسة الديمقراطية للمبتدئين
[post-views]
نشر في: 12 إبريل, 2014: 09:01 م