ماذا عدا مما بدا لكي تتعرض "سوريا الأسد" للتشكيك بقدرة نظامها على الصمود، لولا تدخل إيران ودعمها المباشر أو عبر حزب الله في مجريات المعارك، وهي نغمة بدأت ترتفع من طهران والضاحية الجنوبية لبيروت؟ فمن الأولى قال قائد القوات الجوية التابعة للحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زادة، إن إيران وقفت إلى جانب سوريا في مواجهة مؤامرة كونية، وقفت خلالها 86 دولة متعاضدة لإسقاط نظام الأسد، غير أن جميع محاولاتها فشلت، لأن إيران الإسلامية لم تكن تريد ذلك، وأن بقاء الرئيس الأسد في السلطة وعدم سقوط نظامه، يعود في جزء كبير منه إلى رغبة إيران في استمراره.
قبل التصريحات الإيرانية كان الشيخ حسن نصر الله، ينسب الفضل لتدخل حزبه في الأزمة السورية والحرب التي يخوضها هناك، في أي تقدم لقوات النظام أو تراجع لقوات معارضيه، معتبراً أن حزبه تأخر في الذهاب إلى سوريا والتدخل عسكرياً فيها، وأن مرحلة سقوط النظام السوري انتهت، ومشيراً الى أن موضوع الثورة السورية ليس إسقاط الرئيس، بل إسقاط الدولة والجيش والمؤسسات، لكنه رأى أن المعطيات الإقليمية والدولية تغيرت، وأن مستوى الضغط على النظام السوري في المرحلة المقبلة، سيكون أقل مما كان عليه، سواء الضغط السياسي والإعلامي، أو الضغط الميداني، وزاود الشيخ على نفسه بالقول إن هناك مزاجاً شعبياً كبيراً يؤيد خطوة تدخل حزبه في سوريا، وأن بعض اللبنانيين داخل قوى 14 آذار، يعتقدون ويصدقون ويقبلون بأن التدخل في سوريا يحمي لبنان.
بثينه شعبان مستشارة الرئيس الأسد لم تسكت، فردت بالقول بأن سوريا صمدت إلى حد الآن في وجه ما تتعرض له من مؤامرات، بفضل شعبها الذي قدم إلى الآن أكثر من ربع مليون شهيد، خلافاً لما تم إعلانه من قبل البعض، بأن صمود سوريا أتى بفضل الدعم الذي قدم لها، لكنها عادت وتنصلت من تصريحاتها قائلة، إن الهدف من نسبتها إليها هو خلق بلبلة في العلاقة، وشددت أن حزب الله ولبنان في جبهة المقاومة، وما نسب إليها لا يمكن أن يصدر عن أي مواطن سوري، وكذلك فعل النائب شريف شحادة في رده على طهران قائلاً إن الأسد يستمد شرعيته من الشعب السوري وصمود الجيش، ورفض أن يتم نسب استمرار الأسد في السلطة إلى الدعم الذي قدمته إيران أو حزب الله، ولتعويم الأمور أضاف بأن دمشق تتعامل باحترام مع كل الدول التي ساعدتها، وتقدر الجهود التي بذلتها كل من روسيا والصين ولا تبخس أحداً حقه.
يؤكد هذا التراشق الإعلامي، وإن كان يصدر عن أشخاص ثانويين من غير صناع السياسة، أن هناك مواقف سياسية تبدو مستجدة، بدأتها إيران من بيروت وأكدتها من طهران، وردت عليها دمشق بتسرع تراجعت عنه سريعاً، ما يطرح سؤالاً فحواه هل جاء وقت قبض الأثمان، بالتزامن مع تقدم القوات النظامية وحلفائها، أو أن الأمر يقتصر على مجرد التذكير بأن الفضل في الصمود، يعود لطهران ومواقفها الداعمة بالدرجة الأولى، وبمعنى تقييد سياسات دمشق وتحويلها إلى مجرد تابع لما يصدر من ضاحية بيروت الجنوبية نيابة عن طهران، الواضح أن دمشق ليست مستعدة للقبول، لكنها لاترغب بصدام مبكر مع حلفاء وقفوا معها وقت الشدة، ولكنها تلوح بأدب جم بأنها قادرة على ذلك.
دمشق وطهران .. هل من جديد؟
[post-views]
نشر في: 14 إبريل, 2014: 09:01 م