اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عبعوب.. النهر الثالث

عبعوب.. النهر الثالث

نشر في: 14 إبريل, 2014: 09:01 م

ما المفاجأة، حين نكون على رأس قائمة الفساد والخراب العالمي، وأن نحصل على المركز الأول للشعوب الأكثر فساداً، ما المفاجأة في بلد استقال من التاريخ والسياسة، وقرر الهتاف بحياة زعيمه المبجل "نعيم عبعوب".
ما المفاجأة ونحن نسمع الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية يقول انه يخشى احضار عائلته المقيمة خارج العراق بسبب مخاوف أمنية ، ما الغريب ونحن نصغي الى رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية حسن السنيد ، وهو يبشرنا اننا البلد الاكثر استقرارا في المنطقة، ما المفاجأة حين تخرج علينا وزارة التخطيط لتقول إن " اكثر من مليونين ونصف عراقي يعيشون في مساكن عشوائية"، لماذا نضرب كفا بكف ونحن نرى اصرار وعزيمة النائبة ام حاتم على الدفع بزوجها الى قبة البرلمان، في الوقت الذي اصر فيه السيد معين الكاظمي على وضع صورة زوجته الى جانبه في الدعاية الانتخابية ، تيمنا بالقول المأثور خذوهم ازواجا.
المطلوب أن لا تثار أسئلة عن عدد القتلى كل يوم ، ولماذا تعجز القوات الامنية عن حماية الابرياء، ومن سمح بسرقة اموال الحصة التموينية والمدارس الحديدية، لا جواب حتما. ماذا يعني مقتل مئة او مئتين شخص وسرقة عشرات المليارات، ما دام النظام السياسي سالما، والعراق على رأس الدول التي تنجب القادة العظام على حد تعبير "الخطيب" ابراهيم الجعفري.
فعلا.. نحن بلاد غير مسبوقة من كل الوجوه، وهل هناك غيرنا لديه أكثر من 325 خبيرا امنيا واستراتيجيا واقتصاديا وسياسيا، ومع هذا فنحن شعب ناكر للجميل بحيث بلغت بنا الوقاحة مبلغا جعلتنا لا نفرح لخبر عظيم ادخل الطمأنينة الى عموم شعوب الارض ، واعني به خبر عودة الحاج نعيم عبعوب ، من رحلة العلاج التي قضاها في احدى بلدان "الزرق ورق".
علامات البشرى رتل من سيارات امانة بغداد ن واعداد غفيرة من الموظفين يساقون الى المطار وهم يهتفون بالروح بالدم نفديك يا أمين.
أتخيل اهالي بغداد وهم يعربون عن الامتنان الشديد للسيد امين بغداد، ليس فقط على النعيم الذي يعيشون فيه ، بل على تذكيرهم به، كادوا ينسون وسط فوضى الانتخابات والفرح بالانجازات الكبيرة التي تحققت خلال الشهور القصيرة من عمر ولاية السيد عبعوب، فلماذا وقاحة المطالبة بالصمت على عودة السيد امين بغداد ؟ أجل لماذا نستكثر على الناس فرحتهم ، وقد عاد امينهم سالما غانما منتصرا بملحمة بناء بغداد مدينة عصرية ومتطورة ، تقف امامها طوكيو ونيويورك وسنغافورة خجلة.
الآن وقد شاهدنا المهرجان الاحتفالي بعودة معالي الامين الذي قاد اول نهضة عمرانية في البلاد وعرفنا ان دبي بكت بحرقة لان بغداد سرقت منها ملايين الزوار ، لا بد أن نتساءل: كيف يفكر هذا الكائن "الاستراتيجي"، الذي جلس وسط مستقبلية متوهما ان بغداد خلال الاسابيع الماضية لم تذهب الى فراش النوم، قبل ان تطمئن على صحة " معاليه " .
لا حدود في جمهوريات الخرافة والطائفية، لأي شيء.. فالمضحك الذي أراد من الناس أن تصدق أن الجماهير خرجت عن بكرة أبيها لاستقبال امينها المبجل، توهم ان المجتمع البغدادي قبل مجيء معاليه كان غارقا في مستنقعات التخلف والعوز، وأن الأوضاع كانت قبله غاية في السوء على نحو تدفع المواطن ان تسيل دموعه إشفاقا على الامين المسكين الذي حمل أمانة تنوء بحملها الجبال، والتي ادت الى اصابته بارهاق تطلب علاجه في احد مستشفيات بيروت وليس بغداد التي قال عنها انها افضل من نيويورك ودبي، فمستشفيات بغداد المتطورة والمجهزة باحدث التكنلوجيا الطبية من حق اهالي العاصمة فقط ، اما المسؤول وهو حتما مواطن من الدرجة الثانية ، فبإمكانه العلاج في احدى دول الزرق ورق.
عبعوب ابن دولة المقاولات والصفقات التجارية، هو جزء من ماكنة اعلامية تتبع احزاب السلطة التي يدعي رجالها الفقر ومخافة الخالق والقرب من ابناء الشعب، وفي الوقت نفسه يبنون ثرواتهم في بلدان اخرى.. هذه إذن قصة العراق في الاحدى عشرة سنة الماضية... حيث اختفى الخجل من سرقة المال العام وأصبحت الدولة تدار بمنطق الاستعراض الكوميدي ، الذي يريد اصحابه ان يوهمونا ان في العراق نهرا ثالثا اسمه "عبعوب".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. أبو سعد

    تقصد النهر اللذي اوقفته الصخره!

  2. ابو اثير

    سيدي الكريم ... أرجوا أن لا تستغرب مما حصل من أستقبال حافل بعودة عبعوب الى الوطن سالما غانما رعاه الله فأنت في حكومة يرأسها رجل أختار أن يخلد أسمه في ذاكرة العراقيين كأتفه حاكم تسلط على مقاليد السلطة في العراق منذ ستة آلاف عام فلا تستغرب من وجود أشخاص في

  3. ابو عبيدة

    سؤال يطرح نفسة هل السئ الغير امين هو من حشد هذه الجماهير لاستقباله؟ ام اننا شعب لوكي وعلينا ان نعترف باننا من يصنع السلاطين؟؟ ولوكية من الدرجة الممتازة والنوع العسكري

  4. حسن

    اعذروني ليست عنصرية مني ولكن لا اطيق امينا لبغداد يقول ( جا)

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram