سيرة حياته إحباط ونكبات ، بدأت عندما شجعه احد معارفه على الانضمام الى تنظيم سياسٍ مطلع سبعينات القرن الماضي ، وعندما تعرضت البلاد الى عواصف سياسية مصحوبة بغبار يحجب رؤية المستقبل ، تعرض الرفيق" صاحب بخت" للاعتقال ، وبتوقيع التعهد على الامتناع من الانضمام الى أي تنظيم باستثناء حزب السلطة ، خرج من السجن مصابا بأمراض نفسية وعضوية ، وقبل ان يكتسب الشفاء التام ،ويرتبط بإبنة الحلال زميلته في كلية الزراعة ، اندلعت الحرب العراقية الإيرانية ،وكغيره من العراقيين استدعي لإداء خدمة الاحتياط ، واصبح زبونا دائما لضابط الاستخبارات ، لتجديد المعلومات عن سيرته ، والتأكد من ولائه للقيادة والدفاع عن الوطن .
الجندي الاحتياط "صاحب بخت ثجيل" وقع في الأسر أثناء تنفيذه واجب استطلاع ، مع جميع عناصر الدورية فضلا عن ضابطهم المجند ، ورفعت وحدته الى الأجهزة الأمنية تقريرا يشير الى ان عمالة ابن بخت كانت السبب الرئيس في وقوع أفراد الدورية بالأسر ، وكان التقرير وحده كافيا لفتح أبواب جهنم ، فتعرض الأب والأشقاء الى استجواب أسبوعي ، للإدلاء بمعلومات حول ارتباط الاسرة بجهاز مخابرات دولة معادية للعراق .
مطلع عقد التسعينات ، وفي اطار اتفاق العراق وايران على تبادل الأسرى ، عاد صاحب بخت مصابا بداء السكري ، وبدت عليه ملامح الشيخوخة ، وعلم ان امه وأباه فارقا الحياة ، وزميلته في كلية الزراعة تزوجت وأنجبت طفلين ، اما الأشقاء والشقيقات ، فسردوا له وقائع استجوابهم وإلزامهم بالحضور الشهري أمام ضابط امن المنطقة لتحديث معلوماتهم ، بعد أسبوع من وصول الأسير استدعي للاستجواب ، فسرد تفاصيل حادث الوقوع في الأسر ، طالبا من مستجوبيه الاستعانة بشهادة زملائه لمعرفة الحقيقة ، ودحض تهمة ارتباطه بأية جهة مخابراتية خارجية .
صاحب البخت هو الشخص المحظوظ ، في الذاكرة الشعبية العراقية ، مسيرة حياته عبارة عن مسرات وأفراح ، فهو ينام وحظه يبيع ويشتري ، يجني الأرباح من دون استخدام راس المال ، وحين يراجع دائرة حكومية يجد من يسهل إنجاز معاملته بأسرع وقت ممكن ، اما صاحب بن بخت ، فهو لا يحمل من المسرات غير الاسم فقط ، فلاحقه الإحباط واليأس والاندحار منذ طفولته ،ثم شبابه ، فشل في الحصول على شريكة الحياة ، وأحيل الى التقاعد لأسباب صحية، وعندما عمل حارس مخزن شركة تجارية في منطقة عويريج على الطريق بين بغداد والمحمودية تعرض لطعنات من أفراد عصابة سرقة ،فكاد يفقد حياته ، لكنه فصل من عمله، واتهمه صاحب الشركة بالتعاون مع أفراد العصابة لتسهيل سرقة محتويات المخزن ، وامضى اكثر من شهرين في التوقيف لإجراءات التحقيق ، وللمرة الأولى في حياته يلتفت القدر لحاله ، فيفرج عنه بعد القبض على احد عناصر العصابة واعترافه بتنفيذ الحادث.
الاثنين الماضي ، وأثناء هطول الأمطار وهبوب عاصفة " أطاحت" بصور المرشحين المنتشرة على جانبي الطريق الرابط بين بغداد والمحمودية قرر بائع السجائر صاحب بخت ثجيل العودة الى منزله لتفادي تعرضه لاستجواب من انصار المرشحين .
صاحب بخت
[post-views]
نشر في: 15 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
كريم
ان كانت قصة حقيقية فما اكبره من الم وان كانت من الخيال فما اكبر من خيالك
ياسين عبد الحافظ
شكرا للمقال اللطيف ,ذكرتنى بايام التى مضت فقد كنت انا ايضا مجند وقضيت 10 سنين لكن له الحمد طلعنا سالمين, ولا ارى تصرف صاحبنا بعودته الى البيت سلبا,اريد العيش بسلام,فالعمر كرامة من الخالق لنقضيه بسلام مع اعز الناس وليكفينا الله المشاكل ,امييييييين