TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من ينتخب من؟

من ينتخب من؟

نشر في: 15 إبريل, 2014: 09:01 م

يقف المواطن العربي على بعد أيام أو أسابيع من موعد كذبة الانتخابات التي "ستندلع" في خمس دول، بعد أن مر الربيع على سوريا ومصر ورفرفت "أنسامه" على البقية، والنتيجة التي يكتفي الغرب الديمقراطي بمراقبتها، تكاد تكون محسومة في سوريا ومصر والجزائر، المواطن المغلوب على أمره مدعو حين يفوز الرئيس القائد للتصفيق، والابتهاج باستمراره حاكماً اصطفته السماء لإدارة شؤون الناس رضوا بذلك أو رفضوه، وفي لبنان والعراق يبدو صعباً على أي مراقب التكهن بالنتائج، نظراً لتشابك الأمور ما بين داخل منقسم على نفسه، وخارج يبحث عن ولاء من لا يمتلكون الولاء لأوطانهم ومواطنيهم، والمهم أن الجميع سيتغنى بنتائج التجربة الناجحة، وكفى الله المؤمنين القتال.
في سوريا سيترشح الأسد لولاية ثالثة حسب الواقع، ولأولى على قياس الدستور الجديد، وكأن الحياة السياسية السورية تولد اليوم، سينجح الأسد بالتأكيد وسيخسر كثيراً أي سوري تقوده شجاعته أو حماقته لمنافسته، ذلك يعني أن الصراع على السلطة سيستمر وتتصاعد وتيرته وربما يقود إلى تقسيم الدولة، وسيعني ذلك بالتأكيد الحاجة إلى مئات المليارات وعقوداً زمنية مفتوحة لإعادة إعمار سوريا، والأخطر هو إعادة بناء شخصية المواطن على غير منطلقات العنف والتفرقة الطائفية والعرقية.
مصر ستنتخب رئيساً جديداً يخرجها من واقعها البائس والناجم عن عقود من حكم الفرد، وسنة واحدة من حكم المرشد وإخوانه والنتائج شبه محسومة، فالمنافسة تنحصر بين المشير السيسي وحمدين صباحي، للأول فضل إطاحة حكم الإخوان بينما يتمسك الثاني ببقايا الناصرية ويطعمها بالتقرب من جبهة المقاومة والممانعة ولا نظن أن كثيراً من المصريين يرحب بذلك، فالكثير من الناصريين يعتبرون السيسي امتداداً لعهد ناصر وسيختارونه على هذا الأساس، وهو بالفعل يستعد لموقعه الجديد باختيار أعضاء الطاقم الذي سيساعده وينفذ سياساته.
"انتخبوني حياً أو ميتا" هو أنسب شعار يمكن للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أن يرفعه، وهو يترشح لولاية رابعة رغم اعتلال صحته وعدم قدرته على قيادة حملته الانتخابية، فكيف بقيادة دولة بحجم الجزائر، هو بالطبع يضمن الفوز مادام مدعوماً بالمؤسسة العسكرية صانعة الرؤساء، والمدهش أن أنصاره يتهمون منافسيه بترويعهم مع أن العكس هو الصحيح، والنتيجة أن انتخابات الجزائر، ستعيد إنتاج القديم وستظل بدون أجوبة لأسئلة الانتقال السياسي والديمقراطية وسطوة الجيش، فالانتخابات القادمة ليست معنية بذلك.
الانتخابات البرلمانية العراقية، المحمّلة بكل المفاجآت والتكهنات، تطرح أسئلة يصعب معها الوصول إلى تخمينات واضحة، من قبيل هل ستجري في كل البلاد، من سيحظى بالأغلبية من الكيانات المتنافسة؟ وما هي فرص عودة المالكي لرئاسة الحكومة؟ وهل بإمكان خصومه السياسيين منع ذلك إن ظل يحظى برضى واشنطن وطهران، هل يحافظ البيت الشيعي على وحدته وكيف يكون موقف العرب السنة؟، الواضح الوحيد هو موقف الكرد وهم يسعون لبناء دولتهم المستقلة ويعتبرون أي نشاط سياسي خطوة على ذلك الطريق الذي يتمتع في الإقليم بإجماع حزبي وسياسي غير مسبوق.
استحقاق الانتخابات الرئاسية في لبنان يلي انتخاب البرلمان، غير أن أي رئيس جديد يجب أن يحظى بتوافق المتناقضات دمشق وطهران والرياض وبمباركة باريس وواشنطن ليتمكن ليس من الفوز فقط وإنما تنفيذ برنامج أساسه بناء وفاق وطني يسمح للبنان بالخروج من حالة الاستقطاب وانعدام الوزن الى واقع الفعل كدولة لها رسالتها وخصوصيتها، والمهم أن علينا عدم توقع أن تنتج كل هذه الانتخابات حالة استقرار تتيح التقدم على خطى الإصلاح والتنمية، وسيظل الحال على حاله ولو بثوب جديد يخفي عيوب القديم ولو بوجه مستعار من كل ما تتطلع اليه الشعوب ويرفضه حكامهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    الى متى يبقى الشعب العربي يصفق للرئيس المعين وحتى لو كان منتخب فهو معين والى متى يبقى العربي ليس حرا الى متى نبقى عبيدا للحزب وللشخص الواحد والى متى نبقى توابع والى متى نبقى بدون انتماء وطني والى متى يبقى الغرب هو الذي يرسم لنامستقبلنا هل من المعقول ان ن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram