منذ شهور لم تصادفني جريدة "البيان" لسان حال حزب الدعوة، المختزل بالأولاد والأصهار وبعض التابعين، والذي تبدد بنحو مؤسف، رصيده التاريخي وشراكاته الوطنية. آخر مرة وقعت في يدي حين كنت على متن الخطوط الجوية العراقية، التي لا توزع للمسافرين في الغالب، سوى جريدتي البيان للدعوة، وجريدة "بدر" التي يصدرها حزب وزير النقل هادي (او أبو مهدي) العامري!
لكن صديقاً بعث لي اليوم "افتتاحية البيان" بقلم النائب ياسين مجيد، وكان عنوانها "حلف أربيل". ويقصد كما يتضح، المحور الذي نشأ خلال اجتماعات أربيل والنجف في أيار ٢٠١٢. والحقيقة أنها افتتاحية تعترف بأن ذلك المحور لم يكن لقاء صدفة بين اهم كتل مجلس النواب، بل كان نتيجة تقارب في الرؤى ولذلك ورغم إخفاقه في خلع نوري المالكي، تحول الى تنسيق فاعل داخل البرلمان وخارجه، ونجح في كبح نسبي لنزوات السلطان، او احرجه وفضح كثيراً من مشتهياته غير المشروعة، والمخلة.
والطريف في المقال ان كاتبه يشكو حد الفزع وهو يطلع على المواقف المتواترة من اطراف محور أربيل والنجف، حول منع المالكي من تولي الثالثة، ويسجل أمنياته بأن يكون المجلس الأعلى خارج "الكتلة الأكبر" التي صار واضحاً انها ستتشكل من اكبر الأحزاب. ويبدو ان ما يضايق حزب المالكي، ليس فقط ان المجلس الأعلى وعبر المقاربات الصريحة لقادته وخاصة عمار الحكيم وعادل عبد المهدي، جزء أساسي من "التسوية الإنقاذية"، بل ان كتلة المواطن ضمت احمد الجلبي، المنافس بقوة للمالكي وصاحب المهارات التفاوضية المؤثرة في الداخل والخارج، والمبشر بفكرة ان المالكي "صار عبئاً زائداً على واشنطن وطهران".
وفوق هذا فان حزب الدعوة اكثر طرف يدرك ان اعلان الكتلة الأكبر من الأطراف المذكورة، سيتم سريعاً بعد الانتخابات، وسيغري اطرافاً عديدة داخل تحالف المصالح السلطوية (دولة القانون) الى القفز من قطار المالكي المتعثر، والتفاوض سريعاً مع "محور أربيل"، لا لمجرد الطمع بمنصب تنفيذي، بل لفصل الحساب عن المالكي الذي بدأ أعضاء في فريقه، فعلاً بمناقشة مصيرهم في المرحلة اللاحقة.
اطرف ما يقوله ياسين مجيد، انه لا يمانع في تشكيل المحور فهو آلية تبقى ديمقراطية، لكنه يحذر من "المؤامرة" التي يقودها بارزاني والصدر والآخرون، قائلاً ان هؤلاء لم يساندوا القوات الأمنية في حملاتها ضد داعش!
ويضيف صاحبنا "ما يمكن التأكيد عليه هو إن (حلف أربيل) قد ألحق اضراراً فادحة بمؤسسات الدولة العراقية وشل حركتها منذ عام 2012، وربما كانت عملية الدفع باحتدام الصراع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة وتعطيل عمل مجلس النواب مــــن جهة أخرى، هي من بين أخطر الأضرار التي لحقت بالمصالح العليا للشعب العراقي".
وهذا النوع من التوصيف خاضع لقاعدة "رمتني بدائها وانسلت" فالذي اضعف موقف الجيش، هو من زجه ارتجالاً وجعله وجعل الشعب بأسره، مناسبة للتندر في المنطقة والعالم، وجعلنا نخسر الاستقرار النسبي الذي أتاحته جهود عراقية أميركية خلال الأعوام السابقة، والذي خرب المالكي ضمانات استمراره، بمجرد خروج فيالق اميركا.
أما تخريب العلاقة مع البرلمان فليس المسؤول عنه سوى من رفض كتابة نظام داخلي للحكومة طيلة ٨ أعوام من رئاسته لها. ومن راح يستخدم مدحت المحمود للطعن بما يشرعه البرلمان، ضاربا بعرض الحائط كل معايير الحياة الدستورية.
وأسخف التهم هي ان محور أربيل قام بـ "شل حركة الحكومة" فعن أي شلل تتحدث يا سيد ياسين؟ كل ما فعلتموه خلال هاتين السنتين، حصل وأنتم مشلولون؟ إذن فماذا كنتم فاعلين لولا الشلل والعجز؟ وماذا كنتم تنوون ان تفعلوا وعجزتم عنه بسبب بعض القيود التي فرضها محور أربيل، ومارستها مراكز القوى في البلاد وعلى رأسها مرجعية النجف؟
و"مستمرون".
جميع التعليقات 1
كاوه
ثمان سنوات كانوا مصرين على انهم على قدموا افضل نموزج لأدارة البلد والمواطن والان بعد فوات الاوان يعترفون بفشلهم في ادارة البلد لكن هذه المرة يسقطون فشلهم على الاخرين من ما يسمونه (حلف اربيل) او المؤامرة الخارجية او الداعش والماعش او ... نفس المنطق الساذج