TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > القرضاوي.. الفتنة مُتنقلة

القرضاوي.. الفتنة مُتنقلة

نشر في: 20 إبريل, 2014: 09:01 م

بعد شد وجذب كادا يطيحان مجلس التعاون الخليجي، يبدو أن مشيخة قطر حسبت مصالحها في موازين الربح والخسارة، واختارت التخلص من رئيس ما يسمى الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين وعرّاب جماعة الإخوان ، فمنعته من إلقاء خطبة الجمعة التي كرّسها مؤخرا لمهاجمة كل الأنظمة العربية غير الخاضعة لإخوانه ، ويبدو أنها اختارت مؤخراً وتحت الضغط إبعاده إلى تونس، حيث فرشت له هناك السجادة الحمراء، ولقى استقبالاً شارك فيه راشد الغنوشي زعيم الحركة الإخوانية التونسية "النهضة "، ولتأكيد الأنباء عن موقف الدوحة الجديد، فقد وصل إلى تونس برفقة 28 شخصًا من تنظيم جماعة الإخوان.
إن لم تكن تونس الغنوشي مقر إقامته الدائم، فإن له مقرات جاهزة في تركيا والسودان، تنطلق منها فتنته التي باتت متنقلة وبحيث يتعاظم انتشارها، وإن لم ينتقل للإقامة في واحدة من الدولتين، فإنه سيوزع عليهما من رافقه مطروداً من الدوحة، التي بدأت بتنفيذ بنود وثيقة الرياض، المتفق عليها مؤخراً بين وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، والخاصة بوضع آلية لحل الأزمة العالقة بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، وهي الدول الثلاث في المجلس التي سحبت سفراءها من الدوحة، ولم تنفع الوساطة الكويتية في إعادتهم، ويبدو من تسريبات الصحافة التونسية أن أمير قطر خلال زيارته مؤخراً لتونس، طلب من المسؤولين فيها استضافة قيادات الإخوان، وسواء صحت هذه الأنباء، أو كان الأمر يتم كنتيجة للزيارة الأخيرة التي قام بها راشد الغنوشي إلى قطر، فإن مغادرته الدوحة بهذا الشكل تؤكد أنه لم يكن أكثر من محرك للفتنة، وليس داعيةً إسلامياً كما يدّعي.
من المتوقع إن لم يكن مؤكداً، أن إقامة شيخ الفتنة في تونس ستلقى ردود فعل قوية، حيث ترفض القوى السياسية التونسية، ما عدا نهضة الغنوشي، تواجده في البلاد حفاظاً على علاقات تونس بمحيطها العربي، وربما رفضاً لرغبة أميركية بتأمين إقامة مريحة للشيخ الذي بارك وأيد ودعم حكم مرسي العياط لمصر، وأفشل ولو إلى حين الحراك الشعبي في بلاد النيل، وأشعل فيها الفتنة بين مسلميها وأقباطها،  وزرع بوادر الانقسام الطائفي في سوريا، مُحدثاً شرخاً عميقاً بين كل طوائفها التي تعتنق الإسلام، وبين هؤلاء والمسيحيين، ودعم تحويل بلاد الشام إلى بؤرة استقطاب "للجهاديين" من كل لون وجنسية في هذا العالم، وأفشل حتى الآن الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح والتغيير.
لن يؤدي انتقال القرضاوي إلى مقر إقامة جديد، سواء في تونس أو الخرطوم أو إسطنبول لوأد فتنته، وكان الأصح الحجر عليه ومنعه من الصعود إلى المنابر أو الظهور الإعلامي، ولا يأتي ذلك من باب رفض الرأي الآخر، وإنما من باب رفض فرض ذلك الرأي على المجتمع، وهو ما ينادي به رئيس ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي شكّله القرضاوي ليكون واجهة جديدة لتنظيم الإخوان الدولي العابر للوطنيات ، وكان بصفته هذه يتدخل في الشؤون الداخلية للدول، مُعتمداً على تأييد إخوانها لتدخلاته الفجة، وفتاويه المدموغة بالسياسة بدل استنادها إلى الدين الحنيف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    لماذا لاتذكر مافعله هذا الملعون بالعراق يااستاذ حازم ان مافعله بالعراقيين اكبر واعظم مما فعله بالاخرين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram