أكثر من صديقة وصديق من معارف التواصل الاجتماعي عبر موقع "فيسبوك" تفضلوا عليّ بحكاية قصيرة جداً يقول راويها انه منذ إحدى عشرة سنة -أي منذ إسقاط الصنم- لم يسمع أبلغ مما قالته في هذه الحكاية امرأة عجوز جنوبية رداً على سؤال لمراسل صحفي.
شخصياً وجدتُ أيضاً ان قول العجوز الجنوبية، واقعياً كان أو مُفترضاً، هو بالفعل من أبلغ ما قرأت من توصيف لهذه الحقبة الثقيلة من السنين الشداد التي مرّت بنا.. هل مرّت أم أنها رابضة على الصدور؟
تقول الحكاية القصيرة جداً:
سأل المراسل السيدة العجوز: يمّه، شنو رأيج بالنظام السابق؟
السيدة: يمّه، النظام السابق الله لا ينطيه .. جوّعنا، يتّمنا، كتل أولادنا، شرّدنا، سوّانا طشّار، ومذلّة وعار بين العالمين.
المراسل: زين يمّه .. شنو رأيج بالنظام الحالي؟
السيدة العجوز: يمّه، النظام الحالي بيّض وجه النظام السابق.
حلوة جداً.. معبّرة على نحو بليغ للغاية، هذه الحكاية، فهذا هو بالضبط ما حصل وجرى في غضون السنين الاحدى عشرة المنصرمة.. جماعتنا (القائمون على النظام الحالي) قد بيّضوا وجه نظام صدام والكثير من صفحاته السود، بصراعاتهم المتوحشة على السلطة والنفوذ والمال، وبفسادهم المهول، وبفشلهم الذريع والشنيع في تحقيق أبسط ما كان ينتظره الشعب، وأدنى ما وعدوه به مرات عدة، مع كل دورة انتخابية. وكثيراً ما يصل الأمر الى حدّ المقارنة علناً، وعلى نحو جارح وموجع للغاية بالنسبة لمن ناضل ضد النظام السابق وأفنى زهرة شبابه في ذلك النضال، بين النظام الحالي والنظام السابق، وهي مقارنة غالباً ما تنتهي برجحان كفة ذلك النظام على كفة النظام الحالي الذي بيّض وجه النظام السابق، بحسب ما تقول العجوز الجنوبية وتؤكد وقائع السنين العجاف الإحدى عشرة!
المفجع ان أحداً من الذين أوصلونا الى هذه الهاوية الكارثية لا يريد أن يستعمل أياً من حواسه الخمس ليُدرك انه يتحمل مسؤولية، وان الأخلاق والأعراف والشرائع كلها تقضي بأن يتحلى في الأقل بفضيلة الاعتراف والاعتذار.. العكس هو ما يحدث، فالأكبر مسؤولية هو الآن الأشدّ اندفاعاً وحماسة والأوفر انفاقاً لخوض الانتخابات البرلمانية والعودة إلى "جنة" البرلمان أو بلوغها، والأكثر إصراراً على أن يحلّ التبييض المستدام لوجه النظام السابق محل التنمية المستدامة في بلد خرّبه نظام الصنم ويدمّر النظام الحالي دماراً شاملاً ما سَلِم من خراب ذلك النظام.
ما قالته العجوز الجنوبية
نشر في: 21 إبريل, 2014: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
البرلمان القادم 450 نائباً.. رسمياً السوداني يعلن عدد سكان العراق 45 مليون نسمة
استعدادات في ذي قار لإحياء الذكرى الخامسة لضحايا مجزرة جسر الزيتون
سوق العراق النفطية قد تتعدى الصين والهند
المركزي يستعد لإطلاق آلية جديدة لتحويلات دولار السفر والعلاج
المشهداني لرؤساء الكتل: أفضل التصويت على قانون العفو العام قبل غيره
ملحق ذاكرة عراقية
الأكثر قراءة
الرأي
جميع التعليقات 7
أبو سعد
المفجع ان أحداً من الذين أوصلونا الى هذه الهاوية الكارثية لا يريد أن يستعمل أياً من حواسه الخمس ليُدرك انه يتحمل المسؤولية،ماكو.,ماعدهم.,منين أيجيبوه.,فاقدالشى لايعطيه فما بالك بفاقد العقل!
امير عبد علي
رعم بشاعة النظام السابق الذي جعلنا نخاف ونحن في مخادعنا او ان نحلم ونخاف ان يصدرمن احد اقاربنا اي مؤشر ضد النظام وكنا نمشي (جنب الحيط )لا نسمع لانتكلم لانرى .. بتنا نخجل من الديمقراطية النخبة المتصدرة من السياسين من مدرسة حزب المقبور 30 سنة اعمل في صحيفة
عمارالياسري
اني فقط اسال عجوزكم سؤال بسيط ومن انسان بسيط وادري هيه اكيد تفتهم مثل ما كل اهلنا بالجنوب وبكل العراق سؤالي هو ؟؟؟؟ انتي قلتي النظام الحالي بيض وجه النظام السابق واني اسال لو نفس هذا السؤال انسالتي بيه بذاك النظام هل ستبقى اجابتك بنفس الجواب وشكرا ؟؟؟؟
حامد اسماعيل حسين
الاستاذ عدنان حسين المحترم.........فعلا مقال جميل ورائع وملاحظة تستحق كتابة مقالة سلسة تدخل العقل والقلب والله يخلي ويحفظ عجايزنا وشيا بنا .....مع ملاحظة بسيطة النظام البعثي الباءد لم يغب عن عن العراق الجديد وإنما هو فاعل قوي ومشارك بكثافة الدليل كل قادة
حنا السكران
كنا نتمنى ان يرفع المترشحون للانتخابات عبارة صغيرة ضمن منهاجه الانتخابي برفع كل الامتيازات التي قررها اعضاء البرلمان السابق والحالي لهم فكلهم اتوا مندفعين لاقتسام المتبقي من الكيكة والعمولات والوجاهه وكل شيء عدا مطاليب الشعب ..ياحبذا لو تنتخب كل محافظة اب
ابو سجاد
اه من النظام البعثي الكافر وما فعله بالعراقيين وما فعله بي وبعائلتي اسمح لي اقول ياسيدي العزيز هؤلاء الخونة لو فعلوا بنا الف مرة بل مليون مرة من خذلان ومرارة وغصة لايساوي مرة واحدة مافعله نظام الطاغية بنا فلعنة الله عليه وعلى هؤلاء الذين اوصلونا الى مانحن
البغدادي
عزيزي عمار الياسري وما فائدة ان حكت العجوز على النظام الجدبد, فانت تعتبر ان مجرد نقد النظام هو انجاز لهذه الحكومة الفاشلة, ومن يسمع لهذه العجوز المسكين من نظامك الجديد ولكن اقول عار عليهم جميعا ان يكون جائع ومحتاج في العراق وميزانيتنا بالمليارات المهم ط