TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > فن ما بعد الحداثة.. عن الحرب أو الإرهاب!!

فن ما بعد الحداثة.. عن الحرب أو الإرهاب!!

نشر في: 25 إبريل, 2014: 09:01 م

(2-2)   توفي جواد سليم في عام(1961). وتوفي إسماعيل فتاح الترك في عام(2004). جواد لم يشهد الحرب. وإسماعيل شاهد ثلاث حروب. لم تخل منحوتاتهما من ملامح أثرية رغم حداثتها. وإن كانت رسوم جواد تنتمي للعقود الأولى من القرن العشرين. فان رسوم إسماعيل كا

(2-2)

 
توفي جواد سليم في عام(1961). وتوفي إسماعيل فتاح الترك في عام(2004). جواد لم يشهد الحرب. وإسماعيل شاهد ثلاث حروب. لم تخل منحوتاتهما من ملامح أثرية رغم حداثتها. وإن كانت رسوم جواد تنتمي للعقود الأولى من القرن العشرين. فان رسوم إسماعيل كانت تعبيرية محدثة, مثلما بعض منحوتاته الصغيرة أو الفخارية. من جيل النحاتين العراقيين الجديد, الثمانيني(أحمد البحراني) الذي تتلمذ وتأثر بأستاذه النحات التجريدي(عبد الرحيم الوكيل) الذي كان متأثرا بدوره بمدرسة النحت الإنكليزية الحديثة. أحمد أعلن اختلافه بمنحوتات لا تشخيصية(تكوينات شكليه استدارية) من الحديد, بصياغات متعددة. لكن, وبما انه من جيل الحرب(كما أطلق على جيل الفنانين العراقيين في زمن حرب الثماني سنوات. العراقية الإيرانية. وشاهداً على الحرب الأخيرة(تحرير ـ أو : احتلال العراق) عام(2003). وما تبعها من تعرض العراق لموجات الإرهاب والفساد الإداري المستمر. وبتأثير من كل ذلك ارتبط مفهوم الحرب والإرهاب(المتداول) في ذهنه. وكان من نتائجه إنجاز مشروعه النحتي(ماذا لو) الذي شارك في معرض بازل ميامي العام الماضي.
ماذا لو:
نفذ النحات السويدي(كارل فردريك روترسوارد(1)عمله النحتي البندقية المعقودة, متأثرا بحادثة اغتيال صديقه عضو البيتلز(جون لينون) كإدانة للاغتيال, والحرب متمثلة بأسلحتها, مشروع اغتيال جماعي. ثم تحول عمله إلى أيقونة للسلام, نصب في أكثر من مدينة عالمية. عالج(روترسوارد) واقعة واضحة المعالم. أحمد البحراني لم يكن كذلك. لقد اخترعت تلفيقات كثيرة لإسقاط النظام الدكتاتوري العراقي.
لكن بالمقابل لم يكن التغيير إلا إعادة لصياغة دكتاتوريات لطوائف متعددة. وضاعت الحقيقة أو الوضوح, ضمن مساحة تعدد التبريرات واختلاط التصورات والمصالح والمفاهيم. ولم تبق غير حقيقة واحدة, هي استمرار الحرب أو الحروب الداخلية. أو حسب مصطلح ما بعد الحداثة الجديد
الإرهاب
بيكاسو, الأم تيريز, ولسون مانديلا, رونالد, غاندي, مايكل جاكسون. شارلي شابلن. سبعة شخصيات أيقونية حداثية وما بعد حداثية, بعضهم ترك بصمة على القرن العشرين. في مجالات متعددة, أو مستويات تتراوح مابين ذروة الإبداع, وما بين الأداء الشعبي. لكن يبقى قاسمهم المشترك هو مجال الإبداع الإنساني السلمي. أحمد استل هذه الشخصيات من محيطها من اجل ان يعالج قضية الحرب, وليس السلم. صنع منها جنودا محتضنين أسلحتهم. فالعالم بات في نظره مجرد غابة والوجود أو المجد للسلاح فقط, ليس للدماغ. هذا ما استخلصه من درس حروب العراق. وإذا كانت هذه الشخوص المختارة من الضفة الأخرى تنكبت السلاح. فماذا بقي للإنسانية كي تمارس وظيفتها؟!
في عرض بينالي مدينة كوتنبرغ السويدية( خيارات السياسة وتحديات المعارضة) في عام(2007) الذي تناول موضوعة الحرب والإرهاب. وفي مساهمة لفنان روسي, عرض خمسة تماثيل برونزية ذهبية لأطفال عراة بخوذ حربية حاملين أدوات موسيقية في وضع استعداد هجومي. كان هدف الفنان تهجين الفعل الحربي, شخوص وأدوات هي أبعد ما تكون عن فعل الحرب. أحمد كرر هذا الفعل المفهومي, لكن بأدوات الحرب نفسها. فهل من الممكن تصور الأم تيريزا محاربة. أو غاندي أو مانديلا و بيكاسو وغاندي,وحتى مايكل جاكسون بمظهره المبهرج, لكن ربما نتصور رونالدو محاربا. رغم كونه يحارب بطريقته الخاصة في ساحات كرة القدم. لكنه بالتأكيد لا يفضل أن يترك استثمار قدميه. الوحيد الذي فعلها هو الفنان حينما قلدهم أسلحة الحرب, و صاغهم حركات استعراضية, لكنها ليست هجومية على أية حال. هو اكتفى بتقليدهم السلاح لينسخهم شخوصا جديدة, مغايرة لشخصياتهم الحقيقة. وما الحرب إلا استنساخ لبيادق قابلة للإبادة ليس إلا.. 
سعى الفنان في عمله هذا لإحداث فعل الصدمة, وهو فعل من أفعال ما بعد الحداثة. كما تعارض وارث النحت العراقي الحداثي. وبصياغة واقعية شعبية(بوب), تذكرني بالمنحوتات الصينية الواقعية الاشتراكية. وكان الفنان صائبا في اختياره فريق عمل صينياً في التنفيذ. ومنحوتاته هذه أقرب لأشكال المنحوتات الشعبية. لكن بصيغة سياسية افتراضية. والافتراض هنا أيضا هو الآخر من أفعال ما بعد الحداثة, كونه يحمل صفة اغترابه. 
يبدو أن بوادر جيل فني عراقي جديد تتشكل رؤاه ضمن مفهوم الفوضى الخلاقة التي من تداعياتها فقدان الكثير من مفردات السلوك الاجتماعي السابق لأزمنة الحرب والحصار. مثلما هو حاصل في مفردات اللغة الشعبية الجديدة التي تسللت للخطاب الشعبي, والتي هي من مبتكرات ضرورات السلوك المستجد ضمن ظروف غير إنسانية يسودها الشك وانتهاز الفرص وانعدام الضوابط الخلقية. اختلاط المفاهيم ضمن هذه الفوضى, أدى إلى النتائج التي عالجها مشروع النحت هذا. النقائض وحدها كما يرى الفنان هي التي تسود. فماذا لو تسنم كل من شخوصه المختارة سلاحا حقيقيا وانضم لجوقة الحرب؟ ربما كانوا في صف المحررين, وربما تحولوا لصف الإرهابيين أليس نحن من نخلق الإرهاب وننميه. ومن ثم نسعى للقضاء عليه, أو على آثاره؟ فمن يحزر من منا هو المشروع الإرهابي القادم. ما دام الإرهاب مصطلحا ما بعد حداثيا متداولا عالميا. فلنتصور هؤلاء المختارين إرهابيين. فهل تصح معادلة العيش بسلام واردة. أم بات اليأس ينخر نفوسنا. ألم تطلق ما بعد الحداثة العولمية السياسية وأجهزتها الثقافية رصاصتها الأخيرة على ما تبقى من مفاهيم الحداثة الإنسانية. بعد أن فككت منظومتها الفكرية والفنية, وعبثت بها على هواها. فان كان الفنان طليعيا في العصر الحداثي. فانه تحول الآن إلى مجرد فرد مؤدٍ ضمن ملايين الأفراد. وبات متشيئا ضمن أشياء أخرى لا تعد. لكن درس الحداثة لم ينقطع كليا, بقدر كونه تفككاً لمفاصل عدة, أحيانا جرت بعثرتها. وأحيانا أخرى إعادتها بطرق وأساليب جديدة, ضمن جدة الأشياء الأخرى. ويحق لنا ان نطلق على المعاصرة حداثة متأخرة. فلكل زمن حداثة وتحديث. والعصر كلمة زئبقية لا ثبات لها. 
1- Swedish sculptor Carl FredrikReutersward in 1980 knotted gun

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram