اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شكسبير ينافس "دولة القانون"

شكسبير ينافس "دولة القانون"

نشر في: 25 إبريل, 2014: 09:01 م

أهم القواعد التي تقوم عليها الدولة الديمقراطية - لا دولة القانون - هي قاعدة المساءلة للحاكم ،  إذا تدهورت حالة الخدمات ، أتمنى ان  تنتبه معي ، اقصد الخدمات  وليس الأمن ، فان الحكومة تقدم اعتذارا مكتوبا ومصورا ثم يذهب اعضاؤها الى بيوتهم ، اما اذا اختفت طفلة في ظروف غامضة  فان على وزير الداخلية  ، وأتمنى ان لا تعتقد إنني اقصد الحاج عدنان الأسدي ، فان الوزير يتلقى سيلا جارفا من الاتهامات بالتقصير تقضي على مستقبله السياسي  .. اما في  دولة التسعة آلاف مرشح ومرشحة  ، فان القتل على الهوية والتهجير لا تعني شيئا ، فهي مجرد خبر عادي سيصر المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء على الموسوي على منعه من الظهور في قناته الخاصة " العراقية " .. في الأنظمة الديمقراطية تقوم البلاد  ولا تقعد لان رئيس وزراء بريطانيا قال إننا بلد مسيحي ،ليجد   مجموعة من العلماء والأكاديميين والكتاب البارزين في بريطانيا  تتهمه  بإذكاء الانقسامات الطائفية  .
أتمنى عليك ايضا ان لا تعتبر رئيس الوزراء  البريطاني ساذجا لأنه لم يخرج عليهم  ويصفهم بانهم مجموعة " فقاعات " لان الرجل  ببساطه اصدر بيانا قال فيه  :" أنه فخور للغاية بأن بريطانيا " بلد شكسبير " فيها الكثير من الطوائف الدينية المختلفة، وهو ما يجعل المملكة المتحدة دولة أقوى"، وأتمنى عليك ان لا تغفل عبارة بلد شكسبير لأننا في بلد لا يعترف ساسته باحقية الجواهري في النشيد الوطني.
وبمناسبة الحديث عن عمنا " الشيخ زبير " ، فقد حظي الرجل الذي توفي قبل 450 عاما بمكانة تفوق منزلة  الملكة اليزابيت . ففي  استطلاع  أجراه المجلس الثقافي البريطاني ، كان صاحب " التراجيديات  الكبرى  " على رأس قائمة الرموز في الملكة المتحدة، لا بعده ولا قبله، احد حتى نجوم كرة القدم .
في بلدان القائد الأوحد  ، المكانة الأولى فقط لسلطان العصر ، الذي تتحرك حياة الشعوب وهوياتها ومستقبلها، بإشارة من إصبعه  ، وفي دولة الرجل الواحد والحزب الواحد، لا يهم ان تصبح مثل ريتشارد الثالث ترمي السهم أينما تشاء، فحيث يصيب السهم هناك الأعداء، الكل أعداء،  اشهر سيفك واضرب كما تشاء، لا تصغ لمن يقول لك احذر ان أمامك أوهاما، الكل أعداء مادام البعض يريد من الجميع ان "ينبطحوا" تحت صولجان الظلم والطغيان.
يقدم لنا شكسبير في "تراجيدياته" ، صورة الحاكم المصاب بمرض جنون الكرسي. وكيف تختصر البلاد والبشر بكلمة من أربعة حروف "كرسي" والباقي مجرد كومبارس مهمتهم الهتاف لمن يجلس على عرش السلطة.. أو في أسوأ الحالات  ينطبق عليهم قول مكبث: "كلكم فقاعات.. وهذا سيفي كفيل باختفائكم".
لماذا أصبح الخوف واقعا يريدون منا ان نعيش في ظله؟ مطلوب منا ان نخاف.. مواطن خائف بامتياز تتلفت حولك ، تتوجس من جارك وصديقك.. وتخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى طائفتك.. ألم يقل ريتشارد الثالث: احذر ان تمد يديك لغريب لئلا تتلوث، لذلك عليك أن تتخندق في مواجهة الجميع، عليك أن تخاف من العلماني والشيوعي لأنه كافر، ومن الشيعي لأنه ميليشيا، ومن السُني لأنه قاعدة، وعندما يكتمل خوفك وتوجسك، سيدفعك مكبث إلى الخوف من أقرب الناس إليك. ويصبح مصير البلاد معلقا برضا رجل واحد وكأننا لا نريد أن نغادر عصر "القائد الأوحد" ، عصر الهبات والمنح والعطايا وأيضا العفو الخاص!
كان المهرج في "لير" يضحك كلما سمع ملكه العجوز يتحدث: "هذا الرجل مصرّ على أن يقنع الناس بأن تصدق ما يقوله.. بينما هو في قرارة نفسه يضحك من جهل الآخرين وحماستهم"، هكذا يقدم لنا شكسبير صورة الحاكم الذي لا يسمع غير صوته.
تتوالد وتتكاثر الأحقاد والضغائن في المناخات الملوّثة بوباء الطائفية والاستبداد. راجعوا معي  مسرحيات شكسبير، كيف تُخدع الناس بخطابات وشعارات أكثر فتكا بالبلاد من وباء الطاعون .
منذ أن اعلن خطيب الثورة الفرنسية " ميرابو"  جملته الشهيرة: نحن هنا بإرادة الشعب ولن نخرج إلا على أسنَّة الحراب.. وائتلاف دولة القانون مصر انه الاول ولن يتراجع الى الصفوف الخلفية حتى لو اضطر لمنافسة "المستر شكسبير".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. اأبو سعد

    تقوم البلاد ولا تقعد لان رئيس وزراء بريطانيا قال إننا بلد مسيحي ،ليجد مجموعة من العلماء والأكاديميين والكتاب البارزين في بريطانيا تتهمه بإذكاء الانقسامات الطائفية .(في حديثه لراديو (97.3LBC)سئل السيد كاميرون مالذي تريد أيصاله باننا بلد مسيحي؟ فقال أ

  2. حنا السكران

    تعليق الاخ ابو اسعد جعلني اقرأ المقال من جديد لابحث عن الافتراء فلم اجد افتراء الا في التعليق

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram