TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > التغيير .. لكن كيف؟

التغيير .. لكن كيف؟

نشر في: 25 إبريل, 2014: 09:01 م

في التظاهرات الشعبية المجيدة التي اندلعت في 25 شباط 2011 وبعده، كان المطلب الرئيس هو الإصلاح .. إصلاح العملية السياسية التي تبدّى للجميع أنها ترهّلت، بل غدت بالغة الخطورة على حياة الناس ومستقبل العراق.
موقف الحكومة، بأطرافها المختلفة، كان مناهضاً للتظاهرات على نحو متطرف للغاية. التطرف جسّده إفراط القوات الحكومية في استخدام القوة ضد المتظاهرين، فرئيس الحكومة لم يتردد في توجيه الاتهامات الباطلة للمتظاهرين، وبخاصة وصفهم بانهم بعثيون وقاعديون، ثم أصدر أوامره بمنع التظاهرات، وعندما تحدته أعلن حال حظر التجوال في العاصمة، وأباح لقواته استخدام السلاح الحي، فسقط العشرات بين قتيل وجريح، قبل أن يقرّ بان مطالب المتظاهرين كانت محقة ودستورية ووعد بتحقيقها ... ولم يفِ بوعده حتى اليوم!
70 أو 80 بالمئة من المترشحين للانتخابات البرلمانية الحالية وكياناتهم يرفعون شعاراً يتجاوز الإصلاح .. انه: التغيير. ومن المفترض أن يعني مضمون هذا الشعار تغيير المتنفذين في الدولة، أشخاصاً وكيانات، لأنهم فشلوا في المهمة التي أنيطت بهم في انتخابات 2010، ومن أجل تحقيق التغيير أو الإصلاح في العملية السياسية التي شبعت ترهلاً وتفسخاً على مدى السنوات الثلاث الأخيرة منذ اندلاع التظاهرات.
التغيير أصبح مطلباً شعبياً في غضون السنوات القليلة المنصرمة على خلفية الفشل الذريع للحكومة والبرلمان والسلطة القضائية في أن تعبّر عن مطامح الشعب وتحقق له مطالبه، وعبّرت عن هذا المطلب قوى سياسية غير حاكمة ومنظمات المجتمع المدني.
شعار التغيير ترفعه الآن كل الكتل المتنفذة في الحكومة والبرلمان الحاليين .. والسؤال : لو كانوا يريدون التغيير حقاً فلماذا لم يقدموا عليه وهم القادرون ؟ .. كان يمكنهم إحداث التغيير الذي يطمح إليه الشعب بتشريع القوانين واتخاذ القرارات المُحققة لهذا التغيير. لكن التغيير الذي يريدونه ليس هو ما يفكر به الشعب ويتطلع إليه .. الشعب يفسر التغيير على انه تبديل جذري في وجوه البرلمان والحكومة، بل حتى في السلطة القضائية التي يريد لها الشعب أن تكون مستقلة تماماً وأن تلتزم العدل والإنصاف. والشعب يفسر التغيير على انه تغيير في شكل العملية السياسية ومضمونها. وعدا عن إطاحة نظام المحاصصة فان الشعب يريد تغيير الدستور بإعادة كتابته على نحو رصين،  ليضمن بناء نظام ديمقراطي فيدرالي حقيقي، واستكمال بناء المؤسسات الدستورية (مجلس الاتحاد، المحكمة الدستورية، مجلس الخدمة ... وسواها).
غابات الصور واللافتات الممتدة على طول الشوارع وعرض الساحات في مدننا لا تبشر بالتغيير المطلوب على كثرة اللافتات الداعية للتغيير في هذه الغابات، فالوجوه الأبرز المرشحة اليوم هي نفسها وجوه صناع المشاكل والفشل والفساد في الدورة المنقضية للبرلمان والحكومة..
التغيير لا ننتظره من الكيانات التي تريد إعادة إنتاج ما كان طوال السنوات الأربع الفائتة، إنما من الأصابع البنفسجية التي يتعيّن ألا تسمح بعودة الطائفيين والفسدة والفاشلين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    الحقيقة يااستاذ عدنان كلامك واضح ومفهوم وهذه هي حقيقة الامر كيف يتم التغيير وهؤلاء المرشحين اغلبهم كانوا في البرلمان السابق الفاشل وخاصتا رؤساء الكتل والاحزاب هم انفسم المهيمنين على الساحة والجميع كان مسؤولا عن هذا الخراب فماذا تنفع بصمة الاصابع البنفسجية

  2. علي العراقي

    يعودالفاسدون باسم الطائفة الناجية التي خرجت من بين ركام المظلومين والمسحوقين وهذا الانتاج قابل للادنزول مرة اخرى السنا طائفيون بأمتياز ونخاف ان يصعد الاخر حتى لوكان بعدالة الرسول ص لانريده نريد ابن الطائفة وننصره ظالما او مظلوما ....هذه هي المعادلة الصعبة

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram