TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لبنان والرئيس التوافقي

لبنان والرئيس التوافقي

نشر في: 26 إبريل, 2014: 09:01 م

يعلن كل المترشحين لرئاسة وطن الأرز أنهم أقوياء، سمير جعجع وميشال عون وأمين الجميّل وسليمان فرنجية، غير أن واحداً منهم لن يدخل قصر بعبدا على أنغام النشيد الوطني، إلاّ بمعجزة تسوية إقليمية كبرى تُفرض على سياسيي لبنان، صحيح أنها ستسبب لهم الحرج، ولكن ألم يفعلها جعجع حين سبب إحراجًا لحلفائه في فريق 14 آذار فأيدوه على مضض، ومثلما تسببت نية عون بالترشح بإحراج لحلفائه في فريق 8 آذار، فأيدوه عبر التصويت بأوراق بيضاء ضد جعجع ما حال دون فوزه، مع أن الواضح أن هذا التأييد لعون ليس كافياً لفوزه في أي تصويت لاحق لعدم تشكيله الأكثرية المطلقة، ويظل أن كتلة النائب وليد جنبلاط ستكون بيضة القبان، وهي رشحت هنري حلو لمنع إحراجها، ولتبرير عدم انحيازها لأي من الطرفين.
أفرزت الاصطفافات الاخيرة ثلاث كتل نيابية تسعى لايصال مرشحها الى سدة الرئاسة، وهي 14 آذار تقابلها 8 آذار، وبينهما كتلة الوسطيين وبعض النواب المستقلين، والمهم أن أياً منها لا تملك إمكانية تأمين نصاب أكثرية الثلثين لعقد جلسة انتخاب الرئيس، ما يعني استحالة وصول أي من المترشحين إلى سدة الرئاسة، ما لم يتم الاتفاق بين الأطراف كافة، ليكون الرئيس التوافقي المقبول من الجميع، ومن هنا تنبع أهمية قول البطريرك بشارة الراعي من أن "الرئيس التوافقي هو الرئيس القوي" لأنه سيكون محل إجماع، ما يعني حكماً إسقاط ترشيح عون وجعجع، وكل من يدعي القوة من المرشحين على غرارهما.
ينال موقف البطريرك رضى رئيس مجلس النواب، من حيث أنه سيساعد على اختيار الرئيس العتيد، وينهي لعبة التنافس العبثية بين مرشحين يظنان نفسيهما قويين، مع أن أحداً منهما لا يملك القدرة على الفوز بالأكثرية النيابية المطلقة، جرّبها جعجع وفشل وسيفشل عون إن جربها، حتى لو وقف جنبلاط إلى جانب جعجع، فإنه سيجمع 64 صوتاً ليست كافية للفوز، وليس هناك ما يضمن وقوف كتلته كاملة مع المستقلين الى جانب عون ليتمكن من الفوز، قبل تصريح البطريرك وموقف بري، كان عون يأمل الحصول على العدد اللازم مُعولا على تراجع جنبلاط عن مرشحه ليؤيده، لكن الواضح أن هذا حين رشح هنري حلو لرئاسة الجمهورية، انما فعل ذلك لكي يكون في حلٍّ من انتخاب جعجع وعون، بذريعة ان لديه مرشحه وعليه انتخابه وإقناع الآخرين به.
إذا انعقدت جلسة الانتخاب الثانية بنصابها الدستوري، وترشح عون خلالها فانها ستكون جلسة خروجه مع جعجع من السباق، ليبدأ البحث عن رئيس توافقي بمقياس البطريك الراعي، غير أن البحث سيطول بانتظار توافق خارجي يُسقط فرصة انتخاب رئيس "صنع في لبنان "، والواضح أن ذلك لن يتم إلاّ تحت ضغط الفراغ الناجم عن انقضاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، ما سيدفع الجميع للبحث عن رئيس يُرضي الجميع ولا يرضى عنه أحد، لكنه سيشكل الجامع المشترك الذي ليس من قبوله مناص، وهو بالتأكيد لن يكون من الفريقين الآذاريين، وإنما شخصية محايدة تعتمد على تجربتها، وليس على انتمائها السياسي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram