TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ارحل.. هل كان الأمر يستحق هذا؟

ارحل.. هل كان الأمر يستحق هذا؟

نشر في: 26 إبريل, 2014: 09:01 م

المتهرب من سحب الثقة في أيار ٢٠١٢، يواجه سحب ثقة جديد في نيسان هذا.
لقد عرف ان اللحظة ستحل، لكنه حاول خلال العامين الماضيين، ان يثأر لصورته المهزوزة ومهاراته الناقصة، ويستعد بشكل افضل، الا ان المحاولات دوماً تأتي بمردود عكسي، اذا عجز المرء عن تعريف المشكلة!
وقد عجز المتهرب هذا، عن تعريف المشكلة أمام الجمهور، بداية من تلعثمه مع شباب شباط ٢٠١١، فمرة يقول لهم: انكم مندسون.. ومرة يعلن التنازل عن نصف مرتبه.. وثالثة يطلب ١٠٠ يوم فقط ويتناسى آلاف الأيام التي ضاعت مع تدابيره السيئة وفريقه منقوص الحكمة.
وظل يواصل التهرب. نقول له: أين حساباتنا الختامية المليارية، فيشاغل الجمهور بمطاردة الهاشمي. نطلب منه توضيحاً حول سيل الأكاذيب في ملف الأمن الرث، فيبشرنا بـ "تحرير" طوزخورماتو من الأكراد. نقترح عليه ان ينخرط في تسويات معتدلة مع السُنة، كالتي يتحدث عنها بقوة زعماء شيعة لا ريب في حرصهم على الطائفة، فيتهم الحكيم والصدر والجلبي بأنهم "لا يفهمون في السياسة".. وأنهم غير حريصين على "أبناء الحسين" في مواجهة "أمة يزيد".. وحين نسأله: من هو الذي يفهم في السياسة اذن، وعن أية سياسة تتحدث انت المزهو بقيادة "سوات".. ينخرط في فصل اعتراف مليء بالأسف، دون ان يتردد في اتهام فريقه الخاص بتوريطه في كل الأخطاء، بداية من الشهرستاني، وليس انتهاء بضباط الجيش الذين لم يحرروا الانبار من داعش في ٧ أيام.
المتهرب من سحب الثقة، يواجه استفتاء على نهجه في السلطة، ويوهم نفسه ان لحظة الملل من تبريراته، لم تحن بعد عند الجمهور. وأن التغيير الذي يتحدث عنه الناس، يمكن ان يحصل دونما حاجة لترك كرسيه..
لم يبق لديه ما يقوله ليثبت للجمهور انه يمتلك "عبقرية فذة" تجعله يستحق حكم العراق ١٢ عاماً وربما اكثر، فراح يكافح ليثبت انه يمتلك ارض العراق وحكومته، ليوزع بسخاء، ارضاً بلا سندات، وتعيينات على ميزانية غير مقرة، وسيلاً من الكذب الذي يتعلم الدعاة انه حرام!
المتهرب هذا، لن يحظى برفيق ليسأله حين سنسحب عنه الثقة بعد ٣٠ أيار، عما اذا كان الأمر يستحق كل هذا؟ ذلك ان رفاقه من الدعاة، يخوضون هذه اللحظة، سجالاً داخلياً حول سيناريوهات التسلل والتملص، بعد خلع الحاج، ويحاول اكثرهم ذكاء ان يفتح خطوط اتصال مسبقة مع خصوم المالكي، للتنسيق من وراء ظهره، والتبرؤ من كل ما حصل.
لن يتاح للمالكي سائل يسأله، عما اذا كانت "المسخرة" تستحق كل ما فعل، لكننا نحن سنظل نطالب باعتبار المسخرة التي حصلت، درساً محفوظاً اشد الحفظ، نعيد قراءته على الحاكم المقبل، لنوفر ما تبقى من الدماء والأعراض وفرص التهدئة.
المتهرب من عملية خلعه، يعلم قبل غيره، ان العدة اكتملت للتغيير، لان العراق يستحق فصل استراحة من الحمق والارتجال، ولأن العقلاء في كل مراكز القوى، يدركون ما يمكن لحزمة الاصلاحات المتأخرة بسببه منذ ٢٠١٠، ان تفعله حين نشرع بترميم الثقة، ونعيد الى الواجهة، تلك التسويات التي حقنت الدماء في أعوام الهدوء النسبي. لسنتذكر حينها الأسباب الأنانية والعجرفة، التي منعت المالكي من رعاية تلك التسويات وحمايتها، ورهاناته ومبالغاته الفارغة، التي أعادتنا في ٢٠١٣، تحت رحمة تنظيمات الموت، فظل عاجزا أمام نتائج أفعاله، لا هو امتلك بطشاً كافياً يقر الأمان، ولا عرف كيف يسوس التدابير ليخفف صدمة داعش واخواتها.
المتهيب من سحب الثقة، سيخسرها رسمياً، وسيدرك متأخرا فشله العميق في قياس الزمن السياسي، وفي تقدير قوة خصومه، وفي الاعتقاد بأن المال والخوف المجردين عن استشارة العقول الراجحة، يمكنهما ان يديرا بلداً بتعقيد العراق.
سيرحل، وربما سيجد وقت فراغ طويل ليسأل نفسه: هل كان الأمر يستحق هذا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. حنا السكران

    أردوغان لم يمنعه الدستور من الترشح للمرة الرابعة في اب المقبل ، دستور حزبه يمنعه من الترشح من جديد ، الدول الحية اذا كان نقصا ما في دساتيرها احزابها الوطنية تعدله لمصلحة اوطانها

  2. اأبو سعد

    المتهرب من سحب الثقة،...أستاذ سرمد هو لم يهرب من سحب الثقه لان حكومته غير شرعيه وشكلت على أساس المحاصصه ب 159وهي غير قانونيه لان ال 50 زائد.1. 163 ولو تم سحب الثقه من حكومته لتعود اليه ثانية ولكن ال 30 من نيسان سيكون هو اليوم العراقي من اجل سحب الثقه وبنا

  3. خليلو...

    سيقرا عليه رفاقه الدعاة وهم يودعونه. : اعطيت ملكا فلم تحسن سياسته. كذاك من لا يسوس الملك يخلعه

  4. ياسين عبد الحافظ

    لى صديق طفولة قديم,عشنا سويا حتى انتهينا من الجامعة,هو اكمل الفنون الجميلة وانا اكملت الصيدلة,لكنه هرب من البلد بسبب الحرب الايرانية,وبعد سنين من الحرب استطاع الدخول للعراق, لكنه اضطر لتركه خلال 10سساعات والا الاعدام ,عليه ترك العراق مشيا على الاقدام الى

  5. علي كريم عاجل

    وماذا بعد من خلال متابعة الاحداث هذا اليوم 30-04-2014 احسست بالنشوه وشعرت بفرحة العراقيين باصرارهم على المشاركة في الادلاء باصواتهم لتغيير واقعٍ فرقهم واثخن فيهم الجراح. ان من اكثر مااثلج الصدر هذا الاصرار على الوحده واللحمه الوطنيه وادراك الاخطار المحتمل

  6. farid mohamad

    الأخ سرمد لا أخفيك سراً التغير جيد وبتكاتف الكل ولكن ما أرتابني حين سمعت أول كلمة خطابية لعمار الحكيم(مع رفع الألقاب) لايوجد تقديس للأشخاص.. كلمة حربية لاتخلوا من العنف بدون مبرر وهي الرسالة الأولى يجب أن تكون مهذبة الى جمهور متعب بفقره ومتعب بسلوكياته وم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram