بمقتل مرشح قائمة متحدون السنية، مدير مكتب الحزب الإسلامي في البصرة، إمام وخطيب مسجد العوهلي في الزبير، الشيخ عبد الكريم الدوسري، يكون مرشحو القوائم الصغيرة الأخرى قد دخلوا مرحلة الخطر مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، في المدينة التي تعتبر فرس رهان غالبية القوائم والكتل السياسية.
ومع الصمت الذي تمارسه الأجهزة الأمنية حيال الكثير من حالات القتل السياسي في ظروف كهذه، تتضاعف مشاكل العملية الانتخابية ويصبح جميع المرشحين تحت خط التهديد، إن لم نقل عرضة لحوادث مماثلة، لكن حادثة اغتيال الشيخ الدوسري في البصرة تحتمل اكثر من تأويل، فمن جهة وجود عضو المجلس، منذر رياض، احد أعضاء كتلة متحدون ضمن تحالف كتلة البصرة أولاً (الحاكمة) الخصم التقليدي لكتلة دولة القانون، كذلك دخول كتلة متحدون-الحزب الإسلامي العراقي- ضمن قائمة 209، ائتلاف البديل المدني المستقل، التي تعد واحدة من القوائم المنافسة للكتل التقليدية الكبيرة .
وقد تلقي الخلافات بين قائمة العراقية(الوطنية) مع الحزب الإسلامي في مناطق الرمادي والغربية وبغداد من جهة أخرى بظلالها على التحالفات السياسية-الانتخابية في البصرة، وقد يتجاوز ذلك إلى وجود يد خفية تمتد من القاعدة وداعش في الغربية إلى البصرة، وبذلك يصبح أمر مقتل الشيخ الدوسري من داخل التحالفات السنية نفسها أمراً محتملاً. لكن ذلك لا ينفي وجود قوى خارجية تتحرك في ظرف كالذي فيه العراق اليوم، وبما ينسجم مع خططها وبرامجها في أيقاف عجلة النمو العراقية، حيث يأمل مراقبون بان تكون الانتخابات القادمة عتبة تغيير كبرى.
وفي الوقت الذي يسعى فيه غالبية الناخبين العراقيين لجعل عجلة السياسة قادرة على الدوران الصحيح هذه المرة، من خلال دخول التيارات المدنية بقوة، تعززها تحالفات القوى المعتدلة معها، تزداد الخشية من تجاوزات قد تتعرض لها العملية الانتخابية برمتها وهذا مُلاحَظ ٌ من خلال عدم تسجيل المفوضية المستقلة للانتخابات أي خرق لدى الكتل المدنية هذه، فيما تمتلئ سير الكثير من المرشحين في الكتل والقوائم الكبيرة بعشرات الخروقات التي تعجز المفوضية عن ملاحقتها، وما كان سراً من أسرار أحد الحديثُ الذي يتداوله سكان البصرة جهارا عن شراء نائب عن إحدى القائم الكبيرة، والمرشح اليوم عن القائمة نفسها للبطاقات الانتخابية، وهو تاجر ومقاول ثري جداً مقابل تعهده بتعيين أصحابها في ثلاث وزارات، ادعى بانها تحت يده، لا بل وإصداره أوامر وزارية مفبركة، موقعة بالقلم الأحمر جراء ذلك فضلاً عن الولائم والدعوات الفخمة داخل وخارج مكتبه، وذلك كله بعلم الأجهزة الأمنية والمفوضية وعامة الناس.
وفي معاينة سريعة تبدو الحياة السياسية في العراق مخالفة لكل القواعد في العالم إذ أن مقارنة بسيطة بين سيرة مرشح متحدون الشيخ الدوسري الذي اغتيل ساعة خروجه من المسجد وبين سيرة النائب الحالي والمرشح آنفاً لا بل مع الكثير من المرشحين تكشف لنا حقيقة مرَّةً تقول: إن البقاء في العراق للأقوى والأغنى، نقول ذلك ونحن نستطلع المئات من اليافطات التي تمتلئ بها الشوارع والأبنية والتقاطعات ومن خلالها نتمكن من سبر غور قوة ونفوذ المرشحين، ولعل حادثة قريبة تحيلنا إلى قراءة مختلفة أخرى تؤكد مسار الديمقراطية العرجاء والحياة النيابية الغريبة اليوم. فقد كانت الشرطة قد عثرت قبل عام على جثة إمام وخطيب احد المساجد بعد أيام من خطفه لكن الشرطة ذاتها لم تحرر بلاغا قانونيا ضد شقيقه الذي لا يعرف الناسُ عن سجلّه الشخصي إلا بأنه من الأشقياء ومثيري الشغب والاعتداء على أعراض الناس والانحراف الخلقي وهو معروف لديها بأنه من أرباب السوابق.
بلادٌ لا سيادة فيها إلا للقوي والغني، بلاد تسجل غالبية حوادث القتل والتسليب فيها دائما ضد مجهولين، بلاد لا تنتظم فيها إلا العصابات والقتلة، سيكون عليها ان تفعل الكثير لتكون جديرة بمرشحين حقيقين، يتحرقون لرؤيتها أفضل وأفضل.
فصل في مقاتل المرشحين
نشر في: 26 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو همس الأسدي
نعم استاذ طالب ؟ ان البقاء كما يبدوا جليا ليس للأقوى والغني فقط (والذي هو حال الدول الرأسمالية المستقرة اليوم ).. ولكن عراقنا الجديد وساسته قدأضاف لهؤلاء ؟ ((الأنتهازي والطائفي والمجرم الأكثر استخفافا بالدم العراقي وها أنت تجد من المجرمين ممن يترأسون ال