اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > سعد الله ونوس: نحن محكومون بالامل..!

سعد الله ونوس: نحن محكومون بالامل..!

نشر في: 2 أكتوبر, 2009: 07:06 م

يوسف العانيياصديقي.. يارفيق مسرح الانسان واخ الدرب الطويل.. ياسعد.. يا ايها.. الذي اتى به الحظ السعيد لمسرحنا لتفتح نوافذ الضوء فيه وتحلم ونحلم معك.. تحلم وتعيد الحلم الجميل من الماضي الحاضر ليأتينا على يديك وفكرك وابداعك وانسانيتك، ابهى الاحلام وازكى العطور واحلى الصور الزاهية الوانا تبهج الانسان برغم الكآبة والبؤس واليأس المتكدس في اعماقها.
ياسعد.. كنت ومازلت تكتب المأساة، لكنها مأساة سعادة حين نتأملها كنا نحن (المسرحيين) كتابا ومخرجين وممثلين، وحين يتأملها المشاهدون ليحلموا، ثم يعاودهم حلم آخر تتحول فيه الدموع الى ابتسامات من الامل يدرون اولا يدرون..! ياسعد.. يا اخي الصغير عمرا- حين تسلمت رسالة يوم المسرح العالمي لعام 1996، وقد جاءتني باللغة العربية، انشرح قلبي لان واجدا من مسرحيينا العرب قد كلف بكتابتها هذا العام، انه فخر لمسرحنا العربي، سررت كثيرا، وانتابتني سعادة لا توصف ولا تحد حين قرأت اسمك (سعد الله ونوس) في اعلى الصفحة وثانية في ختام الكلمة.انت اذا، كتبت كلمة هذا العام؟.. قلبتها ولم اقرأها، لكنني قرأت آخر سطر فيها:(اننا محكومون بالامل، وما يحدث اليوم لايمكن ان يكون نهاية التاريخ)!رددت مع نفسي بصوت مسموع- كعادتي حين اعجب بما اقرأ (نعم ما يحدث اليوم لايمكن ان يكون نهاية التاريخ) وضعت الكلمة امامي.. ولم اقرأها.. لكنني تمثلتك معي في مراحل متفاوتة، اولها: حين التقيت بك في برلين بالمانيا الديمقراطية، ونحن نشارك في مهرجان الذكرى السبعينية لميلاد برتولد برشت عام 1968 ولاول مرة تحدثت لك عن مسرحيتي (المفتاح) ورحت تحكي لي بكل تواضع وجهات نظرك، لكنك كنت تستمع لي اكثر مما تتحدث، وعشنا اياما حلوة، وكان اعجابك بما تشاهد من مسرحيات لا يزيد عن تحريك يديك في الهواء.والتقينا بمهرجان دمشق المسرحي عام 1973 حين قدمت فرقتنا المسرح الفني الحديث انا ضمير المتكلم) وكان لك حديث اعجاب معي ومع قاسم محمد كاتب العمل ومخرجه، وحين احتفلنا مع العرض احتفالا عراقيا فذا، كنت ترقص ببهجة لا توصف وتردد اكثر من مرة.. الله ايها العراقيون!ويوم قدمنا مسرحية (بونتولا وتابعه ماتي) –البيك والسائق – عام 1974 بمهرجان دمشق ايضا وحققت المسرحية ذاك النجاح الذي صار حديث الجميع، جئتني بعد العرض ووقفت امامي وقلت (ليش يايوسف)؟ قلت لك (ماذا؟) قلت لي لقد اشعرتني وانت تمثل بشيخوختي وبشبابك، وانا اصغر منك اكثر من عشر سنوات!.ساعتها احتضنتك ورفعتك من الارض وركضت بك في ممرات مسرح الحمرا! وحين دخلت بيتك اول مرة وجلست على الارض معك اصررت على ان تجلسني على (الكرسي) وانت تردد كلمات شعر بالفرنسية!! ثم رحنا نتحدث عن (الحلم.. المسرح) حديث قلوب وعقول.. وآمال كبار! وذهبنا.. واتينا.. وافترقنا.. والتقينا في اكثر من مكان.. تونس بمهرجان قرطاج.. ومهرجانات اخرى، ثم طال فراقنا سنوات.وقبل عام وفي عمان خلال مهرجان (مسرح فوانيس) التقيت السيديتين الفاضلتين (حنان قصاب حسن وماري الياس) وسألت عنك- وانا ادري بانك مريض- وحصلت على رقم هاتفك، فاتصلت بك لاستمع اولا الى صوت زوجتك الطيبة الكريمة الفاضلة التي فرحت حين قلت لها: (انا مشتاق لصوت سعد).. وحين كلمتك كنت ابكي في داخلي! لكنني اسمعك صوتا ضاحكا يومها قلت لي: (ما احلى ضحكتك يا يوسف) ولم تكن تدري انها كانت ضحكة مرة! كنت تحكي لي عن اصرارك على الكتابة، وبشرتني بعطائك اكثر والجديد الذي قدمته للمسرح خلال سنوات المرض!قلت لك: اثار من المرض بالكتابة للمسرح! وقلت لي: انا آثار من الامراض التي تحيط بالمسرح!! وانتقلت بك الى احاديث بعيدة عن الجدية وجعلتك تضحك، واتفقنا على ان نلتقي وانت بصحة جيدة.اليوم.. ياسعد.. كلماتك امامي اضعها على طاولتي النظيفة انظر اليها باعتزاز واكبار، سنتلوها يوم 27 آذار 1996 باحتفال يوم المسرح العالمي، سيتلوها على المسرحيين وسوف ننشرها للقراء وسوف نحتفظ بها في قلوبنا لانها نابعة من قلب وفكر انسان نبيل وفنان كبير. شيء المني وآذاني، تمنيت ان ادعوك لتحضر احتفال يوم المسرح العالمي في بغداد! وتستمع الى كلمتك التي سيقليها صديق لك واستاذ مسرحي كبير (سامي عبدالحميد).مع كل هذا وذاك ياسعد.. سنبقى نردد مقولتك.. اننا محكومون بالامل.. وهذا الامل سوف يحرض من يعتورهم بعض الضعف ليعودوا الى الصحوة من جديد ويحفروا الصخر حتى لودميت وتأكلت اظافرهم، يكفي ان تكون المثل لهم فيما قدمت وانت في اصعب واقسى سنوات حياتك تصارع مرضك، السرطان، ومرض المسرح في آن واحد.. ايها المسرحي النموذجي.. اقبلك واشكرك واتمنى لك الصحة ومازلنا على امل اللقاء.وفي كل مرة اكون بعمان، اتصل هاتفيا بسعد الله ونوس، استمع الى صوته واسأله عن صحته، واطمئنه وازرع الامل في نفسه متشبثا بالمعجزات والخوارق التي قد تحدث!! وفي كل مرة وبعد انتهاء الحديث اشعر بمعاناة وعذاب وتعب شديد وكأنني خارج من معركة صعبة وعسيرة، فانا حين اتحدث اكون اشبه بحالة انفصام كالغيبوبة، عن الواقع الذي اعرفه وحالة مرضه الميؤوس من شفائه، متمسكا بأمله الذي يقول عنه (اننا محكومون بالامل).. وآخر مرة.. رويت له نكتة اضحكته.. وكنت انا ابكي..!هذه المرة وفي ليلة افتتاح مهرجان ايام عمان المسرحي الرابعة في 27/3/1997، وبعد انتهاء الاحتفال اتصلت به هاتفيا، كلمتن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram