غسل اليدين بسبعة " شطوط" من "العكس" واحيانا من الكتف قول شعبي عراقي وحكمة تنطلق من "تجارب واقعية" للتعبير عن الإحباط والفشل في تحقيق مكاسب شخصية او عامة ، والتعبير الشعبي المتداول منذ زمن بعيد يشير بشكل واضح الى فضح مزاعم جهات واشخاص ادعوا خدمة مصالح ابناء شعبهم ، ولكنهم سرعان ما تخلوا عنها بعد تقاسم المناصب والمغانم . جميع القوائم المشاركة في الانتخابات التشريعية رفعت شعار تغيير المرحلة المقبلة وتجاوز الاخطاء السابقة ، والشعار انطلق من موقف مستقل بهدف خدمة المصالح الوطنية ، ولا وجود لأية مؤثرات خارجية من دولة جارة قريبة او بعيدة تحاول فرض ارادتها على اصحاب الشأن المعنيين بتشكيل الحكومة المقبلة. " نعم للتغيير" شعار مختصر رسالته واضحة ، ولا يحتاج الى عودة للدستور وتفسير المحكمة الاتحادية ، انه برقية سريعة فورية عاجلة ، غير خاضعة للتأويل وغسل اليدين بالشطوط والطشوت ، برقية ذات دلالة واضحة ، مفهومة ومعروفة مثل" عين الشمس".
قبل دخول تكنولوجيا الاتصالات وفي زمن الاعتماد على ساعي البريد كانت برقيات العراقيين قليلة المفردات ومختزلة الى حد كبير لتفادي دفع تكاليف اكثر علما ان السعر لا يتجاوز عدة دراهم ، والمبلغ ربما يكون كبيرا، ولذلك اضطر احدهم الى اختصار برقيته الموجهة الى اهله (فرس محطة حسين يركب) ومضمونها يكشف عن الطلب بتوفير فرس له حينما يصل الى محطة القطار في اليوم التالي ليضمن وصوله الى قريته.
" نعم للتغيير " برقية اخرى تتطلب تحركا جديا لتحقيق الشعار ، وتلبية تطلعات جميع الناخبين بضمان الاستقرار الأمني ،والشروع بخطوات جديدة لبناء دولة المواطنة .
في الانتخابات التشريعية السابقة وصلت الى الناخبين رسالة او برقية " نعم للتغيير" وبعد اعلان النتائج ، واجراء عملية العد والفرز اليدوي ، وبفعل التدخلات الخارجية ،من المحتمل ان يتراجع دعاة التغيير عن مواقفهم ، ويتخلون عن خطوطهم الحمر ، اثر تلقيهم برقية " فلان رئيس الوزراء ، وفرس يركب " وباعتماد الاستحقاق الانتخابي ، ستوزع المناصب والمواقع بين قوائم انتخابية ،لطالما اعلنت نبذها ورفضها المحاصصة الطائفية "المقيتة" في ادارة الدولة ، لكن رسوخ المحاصصة جعل البلاد تعيش حالة تناسل الأزمات السياسية والامنية ، وبرزت مظاهر فرض هيمنة الحزب الحاكم على السلطة ، و هذه البرقية أعادت الى الأذهان إمكانية عودة الاستبداد ،وجعل الديمقراطية فرس وصول مرشح الكتلة الاكبر الى المحطة .
التغيير في المرحلة المقبلة من وجهة نظر المشككين سيكون على نطاق ضيق ، فعطلة يوم السبت ستكون الخميس ، والخطاب الاسبوعي سيحدد موعده يوم الاحد، وصاحب الوزارة السيادية سيكلف بحمل حقيبة وزارة اخرى ، تنسجم مع الاستحقاق الانتخابي لقائمته ، وبرنامج القطع المبرمج للتيار الكهربائي سيستمر حتى اشعار اخر ، وحالة تناسل الازمات ستبقى العلامة الفارقة في العراق لحين اثبات حقيقة تطبيق " نعم للتغيير"، بطريقة برقية " فرس محطة حسين يركب".
برقية " فرس محطة"
[post-views]
نشر في: 3 مايو, 2014: 09:01 م