TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > برقية " فرس محطة"

برقية " فرس محطة"

نشر في: 3 مايو, 2014: 09:01 م

غسل اليدين  بسبعة " شطوط" من "العكس" واحيانا من الكتف  قول شعبي عراقي وحكمة تنطلق من "تجارب واقعية"  للتعبير عن الإحباط  والفشل في تحقيق مكاسب شخصية او عامة ، والتعبير الشعبي المتداول منذ  زمن بعيد يشير بشكل واضح الى  فضح مزاعم جهات واشخاص ادعوا خدمة  مصالح ابناء شعبهم ، ولكنهم سرعان ما تخلوا عنها بعد تقاسم المناصب والمغانم . جميع القوائم المشاركة في الانتخابات التشريعية رفعت شعار تغيير المرحلة المقبلة  وتجاوز الاخطاء السابقة ، والشعار انطلق من موقف مستقل بهدف خدمة المصالح الوطنية ، ولا وجود لأية مؤثرات خارجية من دولة جارة قريبة او بعيدة تحاول فرض ارادتها على  اصحاب  الشأن المعنيين بتشكيل الحكومة المقبلة.  " نعم للتغيير" شعار مختصر رسالته واضحة ، ولا يحتاج  الى عودة للدستور وتفسير المحكمة الاتحادية ، انه  برقية سريعة فورية عاجلة ، غير خاضعة  للتأويل وغسل اليدين  بالشطوط والطشوت ، برقية ذات دلالة واضحة ، مفهومة ومعروفة مثل" عين الشمس".
قبل دخول تكنولوجيا الاتصالات  وفي زمن الاعتماد على ساعي البريد  كانت برقيات العراقيين  قليلة المفردات ومختزلة  الى حد كبير لتفادي دفع  تكاليف اكثر علما ان السعر  لا يتجاوز عدة دراهم ، والمبلغ   ربما يكون  كبيرا،  ولذلك اضطر  احدهم الى اختصار برقيته الموجهة الى اهله (فرس محطة حسين يركب)  ومضمونها يكشف عن الطلب بتوفير فرس له حينما يصل الى محطة القطار في اليوم التالي ليضمن وصوله الى قريته.
" نعم للتغيير " برقية اخرى تتطلب تحركا جديا لتحقيق الشعار ، وتلبية تطلعات جميع  الناخبين  بضمان الاستقرار الأمني ،والشروع بخطوات جديدة  لبناء دولة المواطنة .
في الانتخابات التشريعية السابقة  وصلت الى الناخبين رسالة او برقية " نعم للتغيير"  وبعد اعلان النتائج ،  واجراء عملية العد والفرز اليدوي  ، وبفعل التدخلات الخارجية ،من المحتمل ان يتراجع  دعاة التغيير عن مواقفهم ، ويتخلون عن  خطوطهم الحمر ،  اثر تلقيهم برقية "  فلان رئيس الوزراء ، وفرس يركب "  وباعتماد  الاستحقاق الانتخابي ، ستوزع المناصب والمواقع بين قوائم انتخابية ،لطالما اعلنت نبذها ورفضها المحاصصة الطائفية "المقيتة" في ادارة الدولة ،   لكن رسوخ المحاصصة جعل البلاد تعيش حالة  تناسل الأزمات السياسية والامنية ، وبرزت مظاهر  فرض هيمنة الحزب الحاكم على السلطة ، و هذه البرقية  أعادت الى الأذهان إمكانية عودة الاستبداد ،وجعل الديمقراطية فرس  وصول مرشح الكتلة  الاكبر الى المحطة .
التغيير في المرحلة المقبلة  من وجهة نظر  المشككين سيكون على نطاق ضيق ، فعطلة  يوم السبت ستكون الخميس ،  والخطاب الاسبوعي سيحدد موعده  يوم الاحد، وصاحب الوزارة السيادية سيكلف بحمل حقيبة وزارة اخرى ، تنسجم مع الاستحقاق الانتخابي لقائمته ، وبرنامج القطع المبرمج للتيار الكهربائي  سيستمر حتى اشعار اخر ، وحالة تناسل الازمات  ستبقى العلامة الفارقة في العراق لحين اثبات حقيقة تطبيق " نعم للتغيير"،  بطريقة برقية " فرس محطة حسين يركب".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram