اولا:
المالكي المحترم، لانشك في اخلاصه لقضيته العظيمة وفق معاييره وقناعاته، فقد قدم ولاشك، كل ما استطاع تقديمه لهذه القضية. ورفض خارطة الاصلاح السياسي التي اجمعت عليها ابرز الاحزاب، وحاول لأعوام، ان يقوم بإصلاح الوضع على طريقته، فكلما اختلف مع حزب او جماعة، بعث إليهم كتيبة دبابات، لكن الافلاك والنجوم عاكسته، فلم ينجح في تطبيق نظرياته، لا عسكريا ولا سياسيا. ربما لان حسين الشهرستاني اخفى عنه الحقيقة، وربما لاننا نحن معارضوه منعناه من ذلك!
وقد حاول التخلص من معارضيه بمذكرات اعتقال وبحرمان من الترشح، لكنه لم يعاقب الشهرستاني بل عاد وتحالف معه، ويقال ان الخبير النووي وعد المالكي بأن لا يخفي عنه الحقيقة (منا ورايح). وأول الحقائق التي اعترف بها له، هي ان الفوز بثمانين او تسعين او مائة وعشرين مقعد حتى، لن يكون مهما، لان توقيعه على اي اتفاق، لم يعد ذا قيمة، والحكومات تتشكل بالمفاوضات لا بالدبابات. ولذلك ربما، استقل الطائرة وغادر بعيدا، على امل ان الخارج سيفعل مالا يستطيعه الداخل!
ثانيا:
النقاش حول شكل الحكومة سيتطلب ملاحظة جوانب عدة ومهمة، لكن على ذلك ان لا يجعلنا ننسى ان الاولوية هي لابعاد مجنون امسك بمقود الطائرة، وحين سننظف غرفة الكابتن من الجنون، سيمكن لمن هم اقل جنونا او اكثر عقلا ان يستأنفوا الحوار المفيد حول التسويات، وهو حوار اوقفه المالكي منذ لحظة خروج الاميركان رغم اصرار رئيس الجمهورية جلال طالباني على انعقاده مرارا دون جدوى.
ثالثا:
في الحكومة الجديدة التي ستشكلها المعارضة الحالية، لن يفكر احد بإقصاء وتهميش الستين او السبعين (وحتى التسعين مقعدا) التي يحصل عليها ائتلاف المالكي واتباعه، رغم ان الشعب سيتابع كيف ستتصرف المفوضية والقضاء مع نهج الرشوة المفضوحة الذي اعتمده هذا التكتل في شراء اصوات الناخبين بشكل علني، وبما يمثل سابقة لم نعهدها بهذا المستوى في الماضي. لكن هؤلاء سيظلون جزءا من ممثلي الشعب وسنحرص كمواطنين على الدفاع عن حقهم في ممارسة دورهم التشريعي والرقابي، وسنكون متحمسين لرؤية الكفاءات منهم وهم ينخرطون في الحكومة، ويساهمون في تصحيح ما يمكن تصحيحه على هذا الصعيد، شرط ان لا يستثمروا "خبرة ثمانية اعوام في السلطة" لافساد رئيس الحكومة المقبل، وتحريضه على ارتكاب الاخطاء، والتحول الى مستشارين سيئين ورطوا المالكي وجعلوه يتمادى، ونخشى ان يحلموا بتكرار الحكاية مع خليفته.
رابعا:
"لقد هزمناكم". هذا ما يقوله انصار المالكي، ساخرين من فكرة ان المعارضين حصلوا على نصف اصوات الشيعة، وان في وسع هؤلاء تشكيل الكتلة الاكبر.
ولكن من قال لكم اننا منتصرون اساساً بالمفهوم السطحي الذي تعرفونه عن الانتصارات المخزية؟ نحن نعلم ان صوت الحمق ينجح منذ عقود في هزيمتنا. ليس ذنب المساكين الذين يتعرضون للتظليل ويشتموننا، ويصفقون منذ عقود، للدبابات الذاهبة، والموتى العائدين. بل هي دورة التاريخ السوداء التي نغطس فيها.
لسنا بحاجة الى انتخابات لتثبتوا انتصار الجنون على العقل. ولو لم يكن الجنون منتصرا لما كانت بلادنا تعيش واحدة من اسوأ لحظاتها وتعجز حتى عن رفع القمامة من شوارع كبريات مدنها.
ولكن ماذا بعد، وهل نستسلم؟ وماذا عن ملايين العراقيين الذين صوتوا حتى في معاقل المالكي، للمسار المتعقل ضد المسار المجنون، وكانوا مع سياسة الحوار وضد الارتجال والتسرع والمكابرات الفارغة؟
ان ازاحة الحمق من دار الامارة امر صعب. لكن الاصعب منه بقاء الحمق هذا يتحكم بمصائرنا. ولن نكل او نمل، من معارضته.
اعتراف بالهزيمة؟
[post-views]
نشر في: 3 مايو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
اكرم حبيب
السيد الطائي المحترم لا ارغب في كسر نفس التفاؤل والعزيمة على التغيير لكن ببساطة هي ذات ادوات الفساد التي تنتظر منها التغيير اتمنى عليكم ان تكتب بصراحة بعد تحالف الحكيم والصدر والبارزاني وغيرهم مع المالكي من جديد ساذكركم او تذكروني ان كان في العمر بقية مع
داخل السومري
يجب يا سيدي ان تعذر الشعب العراقي بعدم اختيار البديل الافضل,لانه ليس هناك بديل افضل الا ربما اتلاف مثال الآلوسي الذي يحرق اوراقه المتأسلمون والعروبيون.فهل ينتخبوا قائمة علاوي الذي يوعدنا بعلاقات طيبة مع بؤرة الارهاب والتخلف المملكة الوهابية.ام ينتخبوا كيا
القنديل
ان حصل المجنون على الثالثة فسيسقط الطائرة وسيموت جميع الركاب حتى المجانين امثالة الذين اوصلوة الى غرفة التحكم بالقيادة
Abo Al7uthaifa
مقالة اكثر من رائعة عزيزي سرمد .. بعد هذه الأنتخابات لا اتوقع الكثير لان نفس الوجوه عادت لتحكم البلاد .. رغم ايماننا بالقادم ان يكون افضل لكن مع وجود نفس الوجوه العابسة التي عليها غبرة جددت ولائها مع الشيطان لاستكمال طريقها في هدم العراق برعاية ايران طبعا