كان طبيعياً في دولة شبه ديمقراطية أن يصار إلى الغاء صناديق الاقتراع في الدوائر التي تُشم منها رائحة التزوير بمختلف أشكاله وأساليبه. وهل ابلغ من فعل النائب - القاضي محمود الحسن، بالصورة والصوت، وهو يتهدّج باسم زعيمه رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته،
كان طبيعياً في دولة شبه ديمقراطية أن يصار إلى الغاء صناديق الاقتراع في الدوائر التي تُشم منها رائحة التزوير بمختلف أشكاله وأساليبه. وهل ابلغ من فعل النائب - القاضي محمود الحسن، بالصورة والصوت، وهو يتهدّج باسم زعيمه رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته، على التزوير، والرشى من المال العام، والتهديد "بمراقبة سلوك الناخب، المُشتَرى صوته"..!؟
في دولة شبه ديمقراطية، شبه فاسدة، مثل "نيجيريا" على سبيل المثال، يكون مصير النائب الحسن وزعيمه في قفص الاتهام، وقد يكون مصيرهما عندنا كذلك اذا ما تحرك القضاء، بعد ان يفيق من تخدير السلطة التنفيذية، أو تتكاتف القوائم المناوئة لعشيرة "ما ننطيها"، وتبادر فوراً بتقديم شكوى عاجلة الى الجهات القضائية والمفوضية العليا للانتخابات وممثلية الأمم المتحدة، تطالبها باتخاذ ما يلزم ضد الجاني والمسؤول عنه.
إن مثل هذه الإدانة لسير الانتخابات، توفر كل الطعونات الأخرى حول تدخل المالكي وفريقه وحزبه لتزوير إرادة العراقيين. وتحريك دعوى في هذا السياق، من شأنه ان يكشف كل المستور من افعال دولة القانون لتغيير مجرى الانتخابات، بل وفضح سلوكها السابق واللاحق الذي يتعارض مع الدستور وابسط مبادئ وقيم الديمقراطية.
وليس في إثارة قضية الحسن، المتلبس بالفساد ورشوة الناخبين، ومن ورائه المالكي، كما قال "بعظمة لسانه"، ما يفيد في فضح كل التدابير التي هيأت " بيئة التزوير" فحسب، وإنما في تسليط الضوء على ما يريده المالكي وفريقه وحزبه لعراق المستقبل، ويعكس في الوقت ذاته الارتكابات العظيمة التي شملت كل ميادين السلطة والدولة في ظل حكم دولة اللاقانون.
وقد بات واضحاً ان هذا الفريق الذي نكّل بالعراق وادمى العراقيين طوال عهدين مزدحمين بالفساد والعبث بمقدرات الناس، والتسبب بنهب وتبديد عدة مئات من مليارات الدولارات، يريد بأي ثمن ان يواصل سلب إرادة العراقيين والبقاء في السلطة، للتغطية على الجرائم والارتكابات التي لا عدّ لها ولا حصر، ويسعى من خلال وسائل الاعلام المشتراة، الى تمرير أرقام واحصائيات عن حجم التصويت لمرشحيه وأنصاره، معتقداً أن ذلك وحده هو الفيصل في تجديد ولاية المالكي، او في أسوأ الاحتمالات الإتيان بأحد مريديه الخلّص بديلاً مؤقتاً عنه! متناسياً ان حجم وقوة معارضيه يفوقان اي رقم يحلم او يتوهم بحصده في تصويت فضح محمود الحسن وتزويره باستخدام اموال الدولة المنقولة وغير المنقولة، وزج المال السياسي المنهوب ايضاً في ابتكار وسائل اخرى في هذا الاتجاه.
الوضع القائم الان لا يُشبِه على كل الوجوه ما كان قائماً في الدورة التشريعية السابقة.
هذه المرة لم يعد للمالكي وفريقه اي حليف يُعتّد به، لا بين التحالف الوطني الشيعي، ولا في اطار التحالف الكردستاني، ولا الائتلافات السنية، ناهيك عن الوطنية والتحالف المدني الديمقراطي برموزه وشخصياته. ويبدو واضحاً ان مراهنة دولة اللا قانون تتركز في حواشٍ تآكلت بفعل رصيد فسادها غير المستتر على المواطنين. ومنهم من ستطاله الملاحقة القانونية لتسببه بمقتل الالاف وتدمير الممتلكات العامة والخاصة جراء التواطؤ مع اجهزة أمنية باشراف المالكي ببيع "لعبة أطفال" باعتبارها جهاز كشف متفجرات واسلحة ومفخخات. ومنهم من سيطاله القانون لتحريضه عبر قناته التلفزيونية على قتل العراقيين بالاضافة الى تهم اخرى. وبينهم من يشير المواطنون لفساد ذمتهم وتحايلهم على الدولة والدخول في صفقات محرمة، وتبييض الاموال.
ويتجاهل فريق السلطة المفضوحة ان حسم من يُكلّف بتشكيل الوزارة لا يرتبط بلغة الارقام، وهي بحد ذاتها من الاوهام حين يجري تداول ارقام حصاد دولة القانون وتجاوزها "المئة مقعد". فالحسم هذه المرة للغة التحالفات الواسعة، التي لا تجتمع فيها الارقام فقط، بل تضم التنوع الوطني، من المكونات العراقية دون استثناء. (وهل شفعت الـ٩١ مقعدا للسيد اياد علاوي حين لم تستقم لصالحه التحالفات؟).
وأياً تكن الاصطفافات بعد إعلان النتائج النهائية، فمن الواضح ان عزلة المالكي، وسقوط كل الاوراق التي استخدمها في الدورة السابقة لتخدير قادة الكتل وإيهامهم بتحوله من "المالكي رقم واحد الى المالكي رقم اثنين" قد فقدت صلاحيتها، وما بات بامكانها تسويقه ثانية لأقرب مقربيه، ممن تجنبوا المواجهة معه وهو في السلطة يلوح لهم بما يستطيع حرمانهم منه!
ومما فقد الصلاحية ايضاً، استخدام العامل الخارجي للضغط على هذا الطرف او ذاك للرضوخ والقبول بالامر الواقع وتبعاته، خاصة اذا كانت قوى الضغط تتعمد تدمير ما تبقى من الكيان العراقي المهلهل، ودفعه نهائياً الى الفوضى والانهيار. كما لا تنفع الاغراءات التي جرى التلميح بها في الدورة السابقة، لهذا الطرف الشيعي او غيره بمناصب وزارية وامتيازات يُدرك الجميع انها فضلات يُراد بها الاسقاط السياسي لمن يقبل بها.
ولم يعد ممكناً القبول بانصاف الحلول او الترقيع، فالمهمة الملحة المباشرة امام كل القوى الوطنية النزيهة، المناوئة لحكم الفرد المختل والحزب الواحد المتشظي، اقامة جبهة وطنية عابرة للطوائف تتولى تشكيل الحكومة القادمة وفق اسس الكفاءة والخبرة والثبات على المبادئ الوطنية، وتجاوز ضيق الافق الحزبي والفئوي والطائفي، ورفض محاصصة امتيازات فساد الدولة.
ولا بد من الانتباه الى ان المالكي ورهطه سيسعون لاستخدام كل الاساليب والوسائل والاغراءات للحيلولة دون اقامة مثل هذه الجبهة التي اذا ما تشكلت فستكون الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، مما سيجعلها صاحبة الحق في تسمية رئيس مجلس الوزراء القادم وتشكيل الوزارة البديلة عن السوء القائم بامتياز.
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
العراقي قد ادلى بصوته والكتل السياسية ايضا قد ادلت برايها ان لاولاية ثالثة للمختار ويعلم الجميع انه لايستطيع تشكيل حكومة الا بتحالفات كبيرة بمعنى ان الوزارة بعيدة المنال عنه لكن اسال سؤال وهذا ليس سؤالي وحدي وانما العراقيين جميعا ماهو الموقف الاميركي والا
شكري العراقي
عزيزي ابا نبيل تحياتي وسلمت لكل الكادحين