علم السياسة كيمياء وفيزياء وهندسة وحساب ، وقوانين غير مكتوبة ، واحيانا غير مكتشفة بعد !
حين أكتب عن الانتخابات في بريطانيا ،- ادري - إنني لا أرى إلا الخمس الظاهر من جبل الثلج الغاطس بأربعة أخماسه في البحر .
مذ اعلن عن موعد إجراء الانتخابات ، وحالة طوارئ - غير معلنة - تسود الأوساط المعنية:
الاستطلاعات ، المقابلات التلفزيونية . متابعات الصحافة . أسعار حي المال ( السيتي ) تذبذبات البورصة ،عروض جمعيات الإقراض . أعداد المقترضين ، توجس حملة الأسهم ، و…و.. الكل مؤثر ومتأثر .
جرعة الحرية المنضبطة بالقوانين الصارمة والأعراف ، والمتوفرة للأحزاب الكبيرة والصغيرة ، لا تترك فسحة للشك بامتلاك الزمام وتوجيه البوصلة نحو الصالح العام للمملكة . حجج وأرقام ، وحقائق ، لجر أقدام الناخب البريطاني الذي يفضل الذهاب لمشاهدة مباراة في كرة القدم على الذهاب لصندوق الاقتراع .
وسائل الإعلام المحايدة — هكذا تبدو — تحاور ، وتناور وتستنتج وتواجه المسؤول بالخطأ والإخفاق او التهاون ، الذي يبلغ حد الاتهام أحيانا .
الإنجليزي بطبعه مولع بالأرقام : محسوبة أعداد القادرين العاطلين عن العمل ، مرصودة المدارس والصفوف الخالية بسبب نقص المعلمين، مصورة الأجنحة المغلقة في المستشفيات بسبب النقص الواضح في عدد الأطباء والممرضات والكادر الطبي المتخصص . تعاظم النسبة الطردية بين الأغنياء والفقراء ،، و.. و..
حكومة المحافظين رغم هذي المعطيات تتباهى بقوة الجنيه الإسترليني مقابل سائر العملات ، تتباهى بتقليص حجم التضخم . تتباهى بالأرقام المتصاعدة التي حققتها التجارة الخارجية ، واكثر ما تتباهى به إنها تعرف ما تريد .
المعركة حامية الوطيس ، ولكن ، دون مفخخات وأشلاء ودماء ، دون ضحايا أبرياء. والتنافس لا على دين او قومية او عرق او حسب او نسب……..
في استطلاع سريع على احدى القنوات التلفزيونية ، وبعد ان مرت عدسة الكاميرا على طوابير العاطلين عن العمل ، المتجمهرين أمام بوابات الرعاية الاجتماعية ، على المتسولين القابعين في زوايا الطرق او المفترشين نواصي الأرصفة ، سأل المذيع احد السابلة :
— لمن ستعطى صوتك ؟
— لحزب المحافظين …
— رغم البطالة وحالة المدارس والمستشفيات ومستويات الفقر ونقص خدمات كبار السن ،و….؟
— رغمها !
— لماذا ؟؟ اقول لك لماذا : الشيطان الذي تعرفه خير من الشيطان الذي لا تعرفه.
اعذروني . هل تراني كتبت ما كتبت أعلاه عما يحدث في بريطانيا؟ ام تراني كتبت ، عما جرى في العراق بعد التباس التقارير المعلنة وتناقضاتها، والتي تنبئ عن فوز الكيان الذى توقع له الجميع الانكفاء والخسارة ، بعد اللتي واللتيا . بعد الذي كان وصار واصبح وامسى وغدا؟
المواطن اختار!! وعلى الجميع الانصياع للعبة الديموقراطية(!)
أما من عسى؟ أما من لعل؟!
هنا وهناك !
[post-views]
نشر في: 4 مايو, 2014: 09:01 م