لا أحد من الكيانات الكبيرة التي تنافست في الانتخابات الأخيرة قادر بمفرده على تجاوز عتبة الـ164 مقعداً برلمانياً لتشكيل الحكومة المقبلة التي يُروّج لها بوصفها حكومة الأغلبية السياسية.. ولا أحد من هذه الكيانات أيضاً قادر على تحقيق ذلك مع "الكويننات" الفرعية التي شكّلها وألقى بها في مضمار السباق الانتخابي للاستفادة من مزايا نظام "سانت ليغو" المعدل ومزاحمة الكيانات الصغيرة بقصد الاستئثار بأكبر عدد ممكن من الاصوات الانتخابية.
أي من الكيانات الكبيرة سيحتاج الى التحالف مع كيان كبير آخر في الأقل للتمتع بميزة الأغلبية المريحة في مجلس النواب الجديد. ولكن هناك صعوبات حقيقية في ايجاد هكذا حليف يمكن أن يضحي بعلاقاته ومصالحه مع الكيانات الأخرى.
بكلام أوضح فان ائتلاف دولة القانون الذي يرفع الآن عالياً شعار "حكومة الاغلبية السياسية" يبدو من شبه المستحيل أن يجد حليفاً كردياً مُعتبراً وآخر سنياً مُعتبراً أيضاً لتشكيل حكومة قوية ذات قاعدة شعبية واسعة، فالكيانات الكردية والسنية المُعتبرة سيكون من الشاقّ عليها وضع كتلة المواطن وكتلة الاحرار خلفها، وهاتان الكتلتان لن تقبلا بالتأكيد بتشكيل حكومة أغلبية مع دولة القانون تستثني الكيانات الكردية والسنية الرئيسة.
أزعم ان قيادة دولة القانون تدرك هذا جيداً، وبالتالي فان شعار حكومة الاغلبية السياسية هو ورقة للضغط من أجل تحسين موقفها التفاوضي في مرحلة ما بعد اعلان النتائج النهائية للانتخابات. وأزعم أيضاً ان تكتيك دولة القانون في تلك المرحلة سيتركز على تشكيل "الثلث المعطل"، وهو في البرلمان الجديد 110 مقاعد، فالدستور يعطي سلطة تكليف رئيس أكبر كتلة برلمانية (المحكمة الاتحادية حددتها بانها المشكلة داخل البرلمان وليست الناجمة عن العملية الانتخابية) لتشكيل الحكومة الجديدة الى رئيس الجمهورية الذي يتعيّن ان ينتخبه مجلس النواب في أول جلسة له. ورئيس الجمهورية يتوجب أن يُنتخب من ثلثي أعضاء المجلس في الجلسة الاولى، أي ان من يملك ثلث عدد أعضاء المجلس زائداً واحد سيكون بامكانه، إن اراد، تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة الاولى. لكن هذه لعبة خطيرة فالذين لديهم أقل من ثلثين يمكنهم هم أيضاً تعطيل عملية انتخاب الرئيس في الجلسة الأولى وتعطيل عملية تسمية المرشح لتشكيل الحكومة بالتالي.
خصوم دولة القانون سيكون لديهم في البرلمان الجديد، من دون أدنى شك، أكثر من ثلث عدد الأعضاء، بل من المرجح انهم سيملكون نسبة الخمسين بالمئة زائداً واحد اللازمة لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان التي يمكنها انتخاب رئيس الجمهورية بعد الجلسة الاولى واختيار المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة.
تشكيل الحكومة الجديدة لن يكون سهلاً، لكن من غير المرجح أن يأخذ الوقت الطويل للغاية الذي استغرقته عملية تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها، ففي مقابل تمسّك ائتلاف دولة القانون، الذي سيكون من دون أدنى شك هو الكتلة الأكبر الفائزة في الانتخابات، بترؤس الحكومة من جديد، ستنطلق حملة شعبية قوية تطالب بالتعجيل في إنجاز هذا الاستحقاق، ولن يكون من السهل على دولة القانون وسواها من الكيانات الكبيرة هذه المرة تحدي مطالب الناس الذين انتخبوا نوابهم للخروج من المأزق القاتل القائم وليس للاستغراق فيه.
تشكيل الحكومة الجديدة
[post-views]
نشر في: 6 مايو, 2014: 09:01 م