بعد أسبوعين من عقد مصالحة انتظرها الفلسطينيون طويلاً بين حركتي فتح وحماس، وهما من ضمن مهلة الأسابيع الخمسة لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة، التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الدوحة مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، على وقع اتهامات متبادلة بين الحركتين، تبادل خلالها الناطقان باسمهما الاتهامات بشأن مسار المصالحة، في حين أطلقت حكومة غزة ثمانية من معتقلي فتح عندها، ونوهت حماس بالأجواء الإيجابية التي سادت اجتماع الدوحة، وقالت إن القائدين عبرا عن إرادتهما الجادة في بناء صفحة جديدة قائمة على أساس الشراكة الوطنية.
برعاية قطرية تم الاجتماع، حيث أجرى عباس محادثات مع أمير قطر وُصفت بالمهمة، وفيها أن الجانبين ناقشا الخطوات الضرورية المقبلة لدعم المصالحة، وأكدا تعزيز التواصل ومواصلة الجهود دعماً لاتفاق غزة، لتشكيل حكومة الوفاق الوطني وتحديد موعد الانتخابات المقبلة، وإذا كان البعض يرى أن لقاءات عباس في العاصمة القطرية شكلت دعماً لاتفاق المصالحة، وجهود ترتيب البيت الفلسطيني، فإن علينا التوقف عند ما نشرته وكالة الأنباء القطرية، من أن اجتماع عباس مع شيخ قطر تناول تطورات اتفاق المصالحة وآلية تنفيذ بنوده، ما يوصلنا إلى نتيجة منطقية تفيد بأن الاتفاق الموقع في غزة لايزال ناقصاً رغم تفاؤل الكثيرين بتنفيذه، وأن الخوض في التفاصيل سيكون أصعب كثيراً، وقد يقود إلى طريق مسدود كما حصل سابقاً.
نعرف جميعاً أن هناك من يقف ضد المصالحة سواء في فتح أو حماس، والمؤكد أن هؤلاء سينشطون قريباً لزرع الالغام في طريق تشكيل الحكومة، وما يليها من إعادة تشكيل الهيئات القيادية، ابتداء بمجلس الأمن القومي وصولاً إلى إعادة تشكيل منظمة التحرير، وستنشط الماكنة الإسرائيلية أيضاً لتعطيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وستظل عقدة الاجهزة الأمنية واحدة من أهم العقبات التي ستعترض الطريق، خصوصاً ونحن نشهد سجالاً مبكراً حول عقيدة هذه الاجهزة، واذا كانت بعض التصريحات تشي بطبيعة الخلافات اللاحقة، وهي تصدر عن أشخاص كارهين للمصالحة ورافضين لها، فإنها في واقع الحال تؤشر إلى المخاوف الحقيقية للطرفين، وتضع النقاط على حروف أجندة الخلاف بينهما.
وحتى لو جنحنا إلى تفاؤل مبالغ فيه، فإن المواطن الفلسطيني لم يلمس بعد أي تقدم فعلي نحو المصالحة، فهو لم يسمع عن أي مشاورات لتشكيل الحكومة المتفق عليها، ولا من المكلف برئاستها وما هو شكل علاقتها مع المجلس التشريعي المعطل والمنتهية ولايته، ومن أين ستحصل على الثقة لممارسة مهامها كما ينص القانون الأساسي للسلطة، وبين يدي من ستؤدي اليمين القانونية إن تولى الرئيس عباس رئاستها كما هو متوقع، وهل سيكون للتشريعي الحق في مسائلتها إن استعاد دوره، وهل يحتاج تشكيلها مهلة خمسة أسابيع وهي فترة طويلة تفتح باب الشك وعدم اليقين والثقة بإتمام المصالحة، وهل تمتلك فتح وحماس حق تغليب السياسة على القانون وتجاوز القانون الاساسي "الدستور"، حتى وإن كان الهدف اتمام المصالحة.
صحيح أن هذه القضايا تبدو شكلية، وأنه يمكن توصيف الحكومة العتيدة بأنها فعلية على أرض الواقع، ويبدو صعباً وصفها بأنها غير قانونية ولا تسميتها بالقانونية، وأنه يمكن تحويل الكثير من صلاحيات التشريعي إلى رئيس السلطة، استناداً إلى نص يعطيه صلاحية إصدار قرارات بقوانين، لكن واقع الحال على الساحة الفلسطينية يحتم غض النظر عن كون الإجراء غير دستوري أو ديمقراطي، والتعامل مع الأمر برمته بحكم الأمر الواقع، أسوة بالكثير من الملفات التي تم التعامل معها كذلك.
الحكومة الفلسطينية بين الأمل والواقع
[post-views]
نشر في: 7 مايو, 2014: 09:01 م