ينظم أوميد راشد منذ سنوات جولات للزوار في محيط نصب تذكاري لضحايا الهجمات الكيميائية التي شنها نظام صدام حسين ضد الكرد في حلبجة بإقليم كردستان العراق، مستعيدًا في كل جولة تفاصيل هجوم عايشه لحظة بلحظة. ويغوص الرجل الاربعيني مع بداية كل من هذه الجولات ف
ينظم أوميد راشد منذ سنوات جولات للزوار في محيط نصب تذكاري لضحايا الهجمات الكيميائية التي شنها نظام صدام حسين ضد الكرد في حلبجة بإقليم كردستان العراق، مستعيدًا في كل جولة تفاصيل هجوم عايشه لحظة بلحظة. ويغوص الرجل الاربعيني مع بداية كل من هذه الجولات في حقبة من الموت، قبل 25 سنة، قتل خلالها أفراد من عائلته في المدينة القريبة من الحدود مع إيران، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية
ويقول أوميد "أريد أن انقل قصة حلبجة إلى الناس داخل وخارج كردستان، أريد أن أقول لهم إن حلبجة ليست مدينة حادث واحد او حدث معين، بل مدينة المصائب والكوارث".
وفيما كانت حرب العراق مع ايران تشارف على نهايتها في العام 1988، استولت قوات البيشمركة الكردية على مدينة حلبجة في جبال كردستان. ورد الجيش العراقي بقصف المدينة، فأرغم المقاتلين الكرد على الانكفاء إلى التلال المحيطة بها، مخلفين وراءهم النساء والأطفال.
وفي 16 اذار بدأت طائرات عسكرية عراقية بالتحليق في سماء المنطقة، وألقت طوال خمس ساعات مزيجًا من غاز الخردل وغاز الأعصاب وغاز سارين وغاز في.إكس.، ما أسفر عن مقتل حوالي خمسة آلاف شخص. وما زال عدد من الناجين يعانون من آثار تلك الغازات. يتذكر أوميد، الذي كان مراهقًا وقت الهجوم، كيف هرع أفراد عائلته نحو شاحنة محاولين الهرب، إلا انهم قتلوا جميعهم جراء اختناقهم بالغازات السامة، بينما بقي هو وحده على قيد الحياة.
ويملك أوميد اليوم صورة للشاحنة نفسها، وقد حملت على متنها نحو 25 شخصًا بينهم أفراد عائلته. ويقول اوميد: "عندما هربنا من حلبجة، رأينا العديد من الشهداء على الطريق، لكن لم يكن بإمكاننا أن نساعدهم، لأننا كنا قد بدانا نتأثر بالغازات في الجو".
ويشير إلى أنه دخل في غيبوبة، وظن المسعفون أنه قتل فوضعوه في نعش تمهيدًا لدفنه، قبل أن يستيقظ من الغيبوبة.
وصدر بحق علي حسن المجيد، الملقب بـ"علي الكيماوي"، وهو ابن عم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حكمًا بالإعدام لمسؤوليته عن هذا الهجوم، وأعدم شنقًا في 25 كانون الثاني (يناير) 2010.
ولقب المجيد "بجزار كردستان" بسبب بطشه وأسلوبه العنيف في قمع المناوئين لنظام صدام. وكان علي الكيماوي (70 عامًا) وزيرا للداخلية، يتحدر من تكريت، وتولى منصب وزير الدفاع لأعوام عدة في النصف الاول من تسعينيات القرن الماضي.
وفي آذار (مارس) 2012، تسلمت سلطات حلبجة الحبل الذي استخدم في إعدام علي حسن المجيد، وتقرر حينها أن يتم حفظه في النصب التذكاري المخصص لضحايا الهجوم. وأعاد الهجوم الكيميائي في سوريا المجاورة قبل أقل من عام إلى أذهان الكرد في حلبجة ذكرى الهجوم على مدينتهم.
وقال اوميد: "عندما كنت أشاهد التلفزيون ورأيت ما حدث في سوريا، بدأت بالبكاء، وتذكرت والديّ وإخوتي عندما قتلوا في الهجوم، شعرت بأنهم يواجهون المأساة ذاتها التي اختبرناها أيام الديكتاتور، ولا يمكن أن انسى تلك المأساة".
ولا تزال حلبجة تحيي الذكرى السنوية للهجوم عند النصب المخصص لضحاياه عند طرف المدينة، وفي المقبرة التي تحمل قبورها أسماء ضحايا لم يتم العثور على جثث بعضهم.
وعند النصب التذكاري حيث يعمل اوميد، يسير الزوار في ممر علقت على جدرانه صور من الهجوم، إلى جانب اساور وساعات يد وممتلكات أخرى كان يملكها الضحايا.
يقول اوميد: "شرف لي أن اعمل هنا، وان أروي المأساة للأجيال القادمة، رغم كل الآلام التي اشعر بها خلال عملي هنا واستعادتي لذكريات الهجوم وكيفية مقتل أفراد عائلتي".