TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حكومة 10 أمبير

حكومة 10 أمبير

نشر في: 10 مايو, 2014: 09:01 م

العراقيون على موعد مع صيف ساخن ، والكهرباء الوطنية ووعود المسؤولين في الوزارة بان التجهيز سيكون على مدار 24 ساعة فيلم خيالي تكرر عرضه مئات المرات ، وما عاد يستقطب اهتمام المشاهدين ، وربما سيثير غضبهم واحتجاجاتهم ، خصوصا ان أهالي المحافظات في سنوات سابقة ،شيعوا الكهرباء الى مثواها الأخير ، وحضورها اليومي لساعات قليلة لا يعني عودتها الى الحياة .
مليارات الدولارات أنفقت على الكهرباء ، وحجم الأموال الكبير جدا يشير الى وجود لغز كبير، لا احد يستطيع حل شفراته وكشف أسراره ، وهو كغيره من الملفات الغامضة في العراق خضع للتسويف والتأجيل ، فيما اعلن المسؤولون في اكثر من مناسبة ان ضمان استمرار التيار الكهربائي وإلغاء نظام القطع المبرمج يحتاج الى أموال ، والقوى السياسية والكتل النيابية التي وقفت ضد قانون إعادة البنى التحتية تتحمل مسؤولية حرمان العراقيين من الحصول على الطاقة الكهربائية .
بعد اعلان نتائج الانتخابات ستدخل القوائم الفائزة في مفاوضات توزيع المناصب والمواقع وفي مقدمتها الرئاسات الثلاث ، ومقابل هذا "الجهد الوطني الجبار" لتحقيق استحقاقات المرحلة المقبلة ، من المحتمل تراجع الخدمات ، لان المسؤولين كبيرهم وصغيرهم المكلفين بتصريف الأعمال ، سيفقدون "حماسة خدمة الشعب " لانشغالهم بالمفاوضات الماراثونية ، وبعضهم يتطلع الى الحفاظ على منصبه ليحقق رسالته في "خدمة أبناء الشعب " فالسنوات السابقة والأموال ، لم تسعفه في تنفيذ المشاريع ، فاصبح بأمس الحاجة الى سقف زمني اخر ليرسم البسمات المشرقة على وجوه الباحثين عن "ملاذ بارد " في فصل الصيف .
ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف ، قد يشجع اطراف التفاوض على الإسراع في إنجاز مهمتهم في تشكيل الحكومة المقبلة، وستحمل هذه المرة صفة 10 أمبير ، وتحقيق هذه الأمنية سيجعل جميع العراقيين يشكرون رؤساء القوائم الانتخابية على إنجازهم" الثوري " وسيعلنون ولاءهم الولاء المطلق لقادتهم، لتخليهم عن مصالحهم الفئوية والحزبية والطائفية ، بمنح العراقي 10 أمبير، خلال موسم الصيف .
يقال ان ارتفاع درجات الحرارة في الكثير من البلدان يعد احد عوامل التخلف ، وإثارة الاضطرابات الأمنية والسياسية ، واندلاع أعمال الشغب ، وعندما تصبح درجة الحراة فوق المعدل الاعتيادي، ينخفض النشاط البشري، وينعكس ذلك على مزاولة العمل وحركة الاقتصاد، وتضطر شعوب "الدول الساخنة " للبحث عن ملاذات هربا من الوسط الساخن، خصوصا عندما يتم الاعلان عن تعطيل الدوام الرسمي.
العراقي المشغول منذ سنوات بالبحث عن الملاذ الآمن، والابتعاد عن الأماكن الساخنة بفعل تراجع الوضع الأمني او نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ، يتطلع الى تشكيل "حكومة 10 أمبير" تحرره من المستعمرين أصحاب المولدات ، وخضوعه لإرادتهم وتسعيراتهم ، فهل من" قيادة حكيمة" ، تلبي مطالبه ؟ وهل من برنامج حكومي واضح المعالم ، يزيح عنه "الهم والغم" بامبيرات قليلة تحفز "مشاعره الوطنية".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram