الفساد يعني، من بين ما يعنيه، عدم احترام القوانين. لكن كيف سيكون حجمه وشكله لو ان القانون نفسه لا يحترم نفسه ويسمح للحاكم وغير الحاكم ان يفسره على هواه او يفرض وضع مواد فيه؟ أفسد القوانين قانون يفصله الحاكم ويلبسه مجلس النواب على علاته. في عمود الأمس بينت لكم ان قانون الانتخابات الأخيرة يمنح الحجي حق تأجيل الانتخابات في بعض الحالات ثم يعود في مادة تالية ليقول لا يجوز تأجيلها في كل الأحوال! تريد أرنب أخذ أرنب على راحتك.
انا شبه متأكد بانه لا عاقل في الكون يمكنه ان يحمل تأخير اعلان النتائج على محمل الخير. هناك بلدان نفوسها اكثر من نفوس العراق بأضعاف وإمكاناتها المادية الضئيلة لا يمكن ان تقارن بإمكانات بلدنا العالية ومع هذا لا تتأخر فيها نتائج الانتخابات أسبوعا. أغلب الدول تعلن النتائج بعد 24 ساعة أو أقل من انتهاء عملية الاقتراع. وهذه هي الشفافية، التي لا تعني فقط سهولة الحصول على المعلومة بل وتضمن سرعة الوصول اليها. والأخيرة هي الأهم. فمن فرض هذا التأجيل المريب على المفوضية؟
في انتخابات 2010، لا احد غير المالكي أراد ان يفرض على المفوضية إعادة العد والفرز اليدوي ملوحا باستخدام السلاح. وقف بوجهه رئيسها فرج الحيدري الذي دفع ثمن وقفته فيما بعد وحيدا. وما كان للحيدري ان يقف لو لم يكن الجيش الأمريكي، بوقتها، على أرض العراق. غاب القط اليوم فلعب فأر الاستبداد على راحته.
لم يكتف مجلس النواب بإثبات عجزه عن حماية رئيس مفوضية يفترض ان تكون مستقلة وتحظى بالحماية بحسب الدستور، بل شرّع تهديد المالكي بمادة تضمنها قانون الانتخابات. شلون؟
لأن النواطير النشامة .. ذوله حلوين الجهامة .. صلوات على النبي .. نايمين شلون نومة .. مستريحة بمذهبي، حفر فأر الاستبداد جحرا من خلال مادة في قانون الانتخابات تحت رقم (38) تقول: "تجرى عملية الفرز وعد الأصوات وإنجاز الاستمارات الخاصة بها فور انتهاء عملية الاقتراع في كل محطة من محطات الاقتراع ويزود ممثلو الكيانات السياسية بنسخة ورقية منها بعد مصادقتها من مدير المحطة الانتخابية وتعلق الاستمارة في مكان مخصص للإعلام في كل محطة انتخابية وتقوم المفوضية بفتح مراكز فرز وعد فرعية لغرض إعادة العد والفرز لجميع المحطات ومراكز الاقتراع ويزود ممثلو الكيانات السياسية بنسخ ورقية من نتائج العد والفرز".
غدا سأحاول تسليط الضوء على هذا الجحر المريب الذي قد يدفع العراقيين للعيش تحت نير الاستبداد عقودا طويلة.
فأر الاستبداد ونوم النواطير
[post-views]
نشر في: 11 مايو, 2014: 09:01 م