لم يبتعد نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان قيد أنملة عن الحقيقة، وهو يؤكد أن الانتخابات في العراق باتت عرفاً ثقافياً لدى المجتمع، حيث يمارس المواطنون حقهم بالمشاركة في تغيير مسار نظام الحكم، وهذا الفهم يتناقض كلياً مع ما ساد الساحة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث استأثرت الأحزاب الدينية شيعية كانت أو سنية بالسلطة، وأفرغت المعادلة الديمقراطية من مضمونها الحقيقي بالمحاصصة البغيضة، ولكونه رجل دولة خبر دهاليز السياسة وتمرس بالإدارة ابان توليه منصب رئيس الوزراء، وقاد عملية تنمية واسعة النطاق في الإقليم، بالتفاعل الحقيقي مع القوى الفاعلة اقتصادياً وسياسياً، وبسبب قربه من نبض الشارع، فقد لاحظ بعد العملية الانتخابية، سواء على مستوى العراق أو الإقليم، اهتمام الشعب الكردي المتصاعد بهذه العملية الديمقراطية، والمشاركة فيها بكثافة ووعي يوماً تلو الآخر، وشدد كسياسي مطلع على أحوال الساحة العراقية، أن الإنتخابات فرصة سانحة، رغم أن نتائجها النهائية لم تعلن بعد، والصورة لم تتضح أكثر، لمعرفة اي اتجاه ستسير هذه العملية.
لم تغب العلاقة بين أربيل وبغداد عن ذهن نيجيرفان بارزاني، وهو يشير بألم إلى أن قطع الميزانية ورواتب موظفي إقليم كردستان، لم يكن متوقعاً من الحكومة المركزية التي يرى أن المرحلة المقبلة تستوجب في ظل النظام الفدرالي، أن تحقق الشراكة الكاملة لكل المكونات الأساسية في العملية السياسية، إن أريد لها التقدم والنجاح، لأن حكومة الأغلبية في هذه الفترة الحرجة من حياة العراق، ليست أكثر من وصفة للفشل، وكمؤمن حقيقي بالديمقراطية يقبل الرجل الاختلافات القائمة بين القوى السياسية في الإقليم، ويرى أنها علامة صحية، لكنه يشدد على وحدة موقفها بخصوص العلاقة مع الحكومة المركزية، لضمان المستقبل المشرق للإقليم، الذي يعتمد على النفط ويتصرف فيه بمقتضى حقوقه الدستورية، وفي إطار الالتزام بالدستور وحماية مصالح الإقليم، التي لاتقبل المساومة ولا التنازل.
بلسان رجل الدولة المتمرس، وبإحساس عميق بالمسؤولية معروف عنه، يشدد نيجيرفان البارزاني أن الانتخابات التشريعية الاخيرة وبعيداً عن المحاصصة الطائفية وألاعيب بعض السياسيين البهلوانية، تمثل فرصة نهائية لتعديل مسار الحكم في العراق، ما يعني أن على الأطراف كافة التعاطي مع نتائجها بإيجابية، تبتعد بهم عن تفضيل المصلحة الشخصية والحزبية على مصلحة الدولة والمواطنين، وجدد التأكيد على رغبة إقليم كردستان في تعزيز وتعميق أسس النظام الديمقراطي وتنمية المؤسسات، وهي مواقف تحتشد لتحسب للرجل الذي يثبت يوميا أن نجاحه كإداري وسياسي، لايقتصر على الإقليم تنميةً متسارعة وإدارة ًحكيمة وسياسةً متوازنة تخضع للإرادة الشعبية، وإنما كرجل دولة ينظر إلى مصلحة الإقليم من منظار المصلحة العراقية بمجملها، ولو أن بعض الساسة في بغداد ينظرون لمصلحة الدولة من خلال مصالحهم الشخصية ليس أكثر.
ليس المقصود كيل المديح للرجل، مع أنه يستحق ذلك، وإنما الانتباه إلى أنه وهو يواجه الأوضاع الأمنية الصعبة الناجمة عن نزوح عشرات الآلاف من محافظة الأنبار واللاجئين السوريين في إقليم كردستان، ومشاكل تشكيل حكومة جديدة للاقليم ظل ينظر إلى مصلحة الدولة بعين الحريص عليها، حرصه على مصلحة الإقليم وأهله.
رجل الدولة نيجيرفان بارزاني
[post-views]
نشر في: 11 مايو, 2014: 09:01 م