إشارة المحنة*************إلهي،أنا لا أشبهُ أحداً.أنا لا أشبهُ، أحياناً، حتّى نَفْسي!إشارة السر************إلهي،أجلسُ تحتَ شجرة محبّتكَ الوارفةعاشقاً ليس له من حُطامِ الدنياسوى كوز ماءوكسرة خبزوكسرة حرف.أجلسُ كي أكتبَ سرَّكوسرَّ سرّكبكسرةِ حرفي.وأجلسُ
إشارة المحنة
*************
إلهي،
أنا لا أشبهُ أحداً.
أنا لا أشبهُ، أحياناً، حتّى نَفْسي!
إشارة السر
************
إلهي،
أجلسُ تحتَ شجرة محبّتكَ الوارفة
عاشقاً
ليس له من حُطامِ الدنيا
سوى كوز ماء
وكسرة خبز
وكسرة حرف.
أجلسُ كي أكتبَ سرَّك
وسرَّ سرّك
بكسرةِ حرفي.
وأجلسُ أيضاً
كي أمحو حرفي
حتّى لا يظهر من سرِّك
وسرِّ سرّك
سوى السين وقت انقضاض الزلازل
وسوى الراء وقت انهمار المطر.
إشارة لا ولا
***********
إلهي،
أجلسُ في غرفتي وحيداً
طوالَ عمري.
وحينَ يبلغ السأمُ مبلغه منّي
أفتحُ شبّاكَ الغرفةِ لأصرخ على المارّة
ثمَّ أعود إلى السرير
فأتذكّر الموتى،
أصحابي الموتى،
ثمَّ أرجع فأطرق بابَ القصيدة
ثلاثَ مرّات.
إلهي،
لا المارّة
ولا الموتى
ولا حتّى القصيدة
أنقذوني مِن خرابي العجيب.
إشارة نوح
************
إلهي،
أفنيتُ العمرَ كلّه
أنتظرُ نوحاً
رغمَ أنّي أعرفُ أنّ نوحاً
قد جاءَ ومضى.
هكذا فأنا منذُ ألف ألف عام
أجلسُ على الشاطئ وحيداً
أرسمُ فوقَ الرملِ سفينةَ نوح
أو غرابَ نوح
أو حمامةَ نوح
أو ابن نوح
أو صيحات نوح.
وحينَ أتعبُ حدّ البكاء
أرسمُ رجلاً يشبهني تماماً
يجلسُ على الشاطئ
ليرسمَ نوحاً وينوح!
إشارة الحرب
**************
إلهي،
توقّفَ الملكُ عن إعلان حربه الجديدة
حينَ سمعَ بمقتلِ آخر جنديّ
في جيشه المهزوم.
إلهي،
هل أشبهُ هذا الملك المجنون؟
أم أشبهُ هذا الجنديّ المقتول؟
أم أشبهُ هذه الحرب التي لم تحدثْ أبداً،
أعني هذه الحرب التي تحدثُ كلّ يوم؟
إشارة لما حدث
***************
إلهي،
لم ينصفني
أولئك الذين ضيّعوني في الصحراء
وتركوني للذئبِ رفيقاً
أندبُ حظّي ليلَ نهار،
ولا
أولئك الذين سلبوا ملابسي فيها
وتركوني أمشي العمرَ كلّه
عارياً مثلما خَلقتَني.
ولم ينصفني
أولئك الذين جاؤوا من بعد
وقتلوني
بسيوفهم الصدئة
وخناجرهم المسمومة،
ولا
أولئك الذين رأوني
في آخر العمر
شحّاذاً أبكي على بابِك،
فاستكثروا عليَّ ذلك
فَمَثَّلوا بجثّتي فرحين
وبحروفي مسرورين!
إشارة الخيط
**************
إلهي،
وحيداً أجلسُ في الشارع
وأمدُّ يدي كالشحّاذ
للريحِ وللأمطار،
للسنواتِ وللأشجار،
للناسِ وللأشباح.
ما مِن أحد يراني
أو يسمعُ صرخاتي
أو يشمُّ رائحةَ حنيني المسفوح
وسط الشارع.
ما مِن أحد يرى ذاك الخيطَ الأحمر:
خيطَ دمي الممتدّ من قلبي
حتّى سرّة روحي.