TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > القناع والتقنع

القناع والتقنع

نشر في: 12 مايو, 2014: 09:01 م

يحمل مصطلح (التقنع) فكرتين: احداهما (التخفي) وثانيتهما (تحول الهوية) وتمتد القوة الكامنة في اي عرض من العروض وكيفية استخدامها من الطقس الديني الى التزيين المعماري . والقناع موجود فعليا في جميع الحضارات.
ويتم إدراكه وبشكل شائع على انه مادة تغطي الوجه بأكمله او جزءا منه ..وعادة ما ينظر الى القناع بمرافقته لزي من الأزياء.
أصول القناع ووظيفته العبادية: كان اول استعمال للقناع قد حدث على اكثر احتمال في سياق السحر الروحي. بارتداء جلد من الجلود او أية صفة حيوانية فان الشخص الذي يرتديه ياخذ شيئا من صفات ذلك الحيوان .وما زالت الشخوص الحيوانية الكبيرة مستخدمة لدى المؤدين المتخفين في الشعائر الطقسية في (مالي) . يوظف الشامانيون ، وهم الكهان الذين يستخدمون السحر لمعالجة المرض، الأقنعة لتكون من وسائط الروح، واليوم في بعض الحضارات الأفريقية والاسيوية فان ارتداء القناع يسمح لمرتديه ان يدخل في حالة من النشوة.
عندما دخلت عبادة الشخصية الى التمثيل المسرحي فقد القناع وظائفه الشامانية والموسمية او الطقسية ولكنه بقي قادرا على الاحتفاظ بحالته التعارضية . اقنعة مسرح (نو) الياباني ما زالت اشكالا مثالية المقصود بها ان نكون من وسائط الوصول الى الروح وليس من وسائط تحقيق صور الشخصيات ويتم التعامل معها على هذا الاساس.
الانسان البدائي المتوحش: الانسان المتوحش هو المضاد القاسي للانسان المتحضر الذي يرتدي تجهيزات حيوانية ليهيج في سياق الكرنفال. تناولت مسرحيات الساتير الاغريقية اقنعة الانسان المتوحش والعبيد كونهم اناسا غير متحضرين واستوعبت الكنيسة المسيحية الروابط بين الأقنعة والممارسات الوثنية وقد يفسر ذلك تحريم التقنع في انكلترا في القرون الوسطى. كان (الهولووين) وهو السنة الجديدة للسلتيين ..وهم الايرلنديين والويلزيين والاسكتلنديين عبارة عن احتفال بالموتى باعتقاد ان اولئك الذين في العالم السفلي يتجولون ويحثون مجموعات من الشبيه لان يدخلوا الريف وهم متنكرون بصورة الانسان المتوحش.
هناك شخص شعبي من النمسا يدعى (هارلكين) او (هاليكين) وعندما ظهر على المسرح بوصفه خادما في شمال ايطاليا في القرن السادس عشر كان الجمهور قد ادركوا مباشرة الروابط الحيوانية والشيطانية الشريرة التي تتمثل في قناعه النصفي الاسود، والمصنوع من الجلد.
في القرنين السادس عشر والسابع عشر لعروض التقنع في انكلترا وللقريبة منها في فرنسا والتي سميت (باليه دي كور) واللتين شهدهما البلاط اصل في التحنيط وفي التنكر ولكن تم رفع مستواها الى ما يناسب البلاط واستعاراته، وكانت عناصر (الفروتسك) اي التشويه المضحك والمضادة للتقنع تقدم غالبا من قبل المسامرين، المحترفينوبما له علاقة بالكرنفالات وتقاليد الانسان المتوحش . تطلبت الابداعات الرائعة لحفلات التقنع في البلاد وبعدها في الاوبرا الى كمية من اقنعة الورق، الاقنعة التي تصنع من لصق الورق، وبعد ذلك اصبحت مثل تلك الاقنعة مبتذلة ومرفوضة تجاريا في المسرح الهزلي غير المألوف ولكنها بقيت مستخدمة في كرنفالات الشارع وخصوصا في (ايبيريا) . وفي القرن العشرين كان استخدامها في الكرنفالات وبسبب قوتها وظهورها المرئي فقد تبناها المسرح السياسي في روسيا من قبل مجاميع التحريض التي ظهرت في العشرينيات من القرن وتكررت مثل تلك الممارسات في الستينات والسبعينات من قبل (مسرح الخبز والدمى) في الولايات المتحدة الامريكية .
القناع المسرحي- يشاهد القناع في الغالب كشعار للمسرح وللعرض المسرحي في معظم الثقافات .. قد تغطي اقنعة العروض وجوه الممثلين او اجزاء منها او حتى الرأس بكامله (كما هو الحال في اقنعة الساتير الاغريقية) في عروض (الكاتاكالي) . في الهند يتم صبغ وجه الممثل بمعجون الرز بحيث يبدو كالقناع، وترينا الصيغ المختلفة للمسرح التقليدي الهندي كيف ان للممثل القدرة في التحكم بعضلات وجهه وكيف يحوله الى قناع . استطاع فنان التمثيل الصامت (مارسيل مارسو) ان يطور مهارة في التقنع وكذلك فعل البولوني (غروتوفسكي) ومسرح ( بوتوه) الياباني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram