القوائم الانتخابية الكبيرة، أعلنت عبر فضائياتها امتلاك مرشحيها مواصفات رجال دولة لا يمكن الاستغناء عن خدماتهم في قيادة البلاد ، وادعت ايضا ان بعضهم يستحق ان يشغل احد المناصب السيادية لانهم يتمتعون بتأييد جماهيري واسع، من شانه ان يضعهم في المكان المناسب ، لخدمة شعبهم وسيحققون المزيد من المنجزات والمكاسب في المرحلة المقبلة ، وفي مقدمتها القضاء على الإرهاب ، وبسط الأمن وتحسين الخدمات ،وملاحقة المفسدين من المسؤولين السابقين ، فضلا عن ذلك إيمانهم بمبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع ، وليست لديهم الرغبة في البقاء على الكرسي ولايتين او اكثر .
من محاسن الديمقراطية بنسختها العراقية ، انها لا تمنح السلطة لاحد سواء كان حزبا او جهة الا عبر صناديق الاقتراع ، وفي بعض الأحيان تكون التوافقات وقرارات وتوصيات الاجتماعات في الغرف المغلقة أسلوبا للالتفاف على الاستحقاق الدستوري ، وعلى هذا المسار او العرف السائد في العملية السياسية المعتمد منذ سنوات ، يحاول المتنفذون بشتى الطرق البقاء في مواقعهم ومناصبهم لدورة ثانية او ثالثة ورابعة وربما لحين حلول يوم القيامة ،لاعتقادهم بان منجزاتهم السابقة منحتهم صفة رجال دولة من طراز فريد ،لا يمكن الاستغناء عن خدماتهم في قيادة البلاد.
فضائيات الأحزاب دخلت في "إنذار جيم" تمهيدا للدخول في ماراثون تفاوضي لتشكيل الحكومة من المتوقع ان يكون سقفه الزمني طويلا ، فأخذت تقوم بتلميع صور أسيادها ،وتطرحهم بدائل لتولي المسؤولية ، بوصفهم يمتلكون قدرات قيادية كبيرة تمنحهم حق تولي احد المناصب السيادية، والفضائيات حرصت خلال ساعات بثها على بث الأدعية الدينية وبرقيات التأييد الشعبية الداعمة لفلان الفلاني بوصفه رجل الدولة الوحيد في العراق، وصاحب نظرية إرساء أسس بناء دولة مدنية عصرية ، على طريقة نداءات بائع الفشافيش لزبائنه لتناول وجبة طعام صباحية خالية من الشروط الصحية .
من حق العراقي ان يسأل ، اين رجال الدولة ؟ ومن يستطيع إنقاذه من تدهور الأوضاع الأمنية؟ واتساع نشاط المجاميع الإرهابية وتراجع الخدمات ؟ واستمرار العمل بنظام القطع المبرمج للتيار الكهربائي؟ وتصدر العراق المرتبة الاولى في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، هذه الأسئلة وغيرها لا تجد لها إجابة ، والعراقي حين يستعرض الأسماء المطروحة من رجال الدولة لا يجد فيها شخصا جديرا بالثقة ، والتجربة خير برهان ، فحاول تغيير الوجوه وإزاحة من احتل المشهد طيلة السنوات الماضية عبر صناديق الاقتراع ، لكن أصوات معظم الناخبين ذهبت الى قوائم عرفت كيف تستدرج شرائح واسعة من المجتمع بسندات الحصول على الأراضي السكنية، وتعيين الأبناء في وظائف حكومية.
الحقيقة الوحيدة الراسخة في الأذهان وأثبتتها التجربة تقول، ان العراق يشكو غياب رجال الدولة ،وفضائيات الأحزاب عندما تؤكد وجودهم وحضورهم في المشهد السياسي، تريد إعطاء رسالة الى الرأي العام، بان قيادييها وليس غيرهم يتمتعون بمواصفات منحتهم الحق في حكم العراق ، فاصل قصير، ثم تعود الفضائية لتعرض الفيلم الكارتوني هذا التيس من ذاك الصخل.
"فشافيش" رجل الدولة
[post-views]
نشر في: 14 مايو, 2014: 09:01 م