يتصور العديد من الآباء ان التربية القاسية والمتسلطة تنتج رجالا أقوياء ونساء خاضعات ومطيعات ، لكن القسوة تنتج رجالا جبناء، خانعين، لا يمتلكون قدرة على اتخاذ القرار ، ونساء يملن الى الخطأ او الانحراف كوسيلة للتمرد أحيانا ..ولأننا شعب يستعرض فيه الآباء قوتهم وسلطتهم في منازلهم فقط بينما يغذون أولادهم بنظريات (الحيطان لها آذان.. من خاف سلم... واللي يأخذ أمي يصير عمي.. وان كان لك عند الكلب حاجة قل له يا سيدي) فقد انغرست مفاهيم الخنوع والسلبية في نفوسنا حتى اصبحنا كالأجساد المشلولة تجاه ما يدور حولنا من أحداث ..
الأبناء لدينا لا يفتحون أعينهم على لغة حوار ديمقراطي واستيعاب للآخر فيكبر الخوف في نفوسهم من بطش السلطة ويبتلعون ألسنتهم ويغيبون آرائهم ليضمنوا السير (جنب الحائط) دون ان ينبسوا بكلمة ف( الحيطان لها آذان ) كما علمنا آباؤنا رغم اننا نبتسم في سرنا أحيانا حين نتخيل ذلك لأننا الأمة الوحيدة التي جعلت للحيطان آذانا!!
لقد ربتنا القسوة والتسلط الأبوي على الخشية من الاعتراض او الكلام ذاته لكيلا يؤدي بنا الأمر الى القهر والحرمان فبتنا نفقد أعمالنا ونسكت ونفقد أولادنا ونحمد الله على سلامة الباقين ونفقد لذة العيش في واقع مر ونصبر ونقنع انفسنا بان الفرج آت دون ان نفعل شيئا لتغيير مرارة هذا الواقع ..
الآباء لدينا يستخدمون القسوة والسلطة في منازلهم كرد فعل لعجزهم عن استيفاء حقهم من السلطة خارجه لذا نجد هم يفرضون على أبنائهم سلوكيات وملابس معينة ويتحكمون في رغباتهم وخياراتهم المستقبلية وعلاقاتهم بالآخرين وربما يستخدمون الضرب والعنف لتحقيق ذلك فينشأ الأولاد ولديهم ميل شديد للخضوع والتبعية والعجز عن الإبداع والتفكير وإبداء الرأي والمناقشة وتتسم شخصياتهم القلقة بفقدان الثقة بالنفس والخوف من العقاب ..
ذات يوم ن كان الخليفة عمر بن الخطاب (رض ) يمشي في الطريق حين رأى غلمانا يلعبون فلما رأوه تفرقوا لما له من هيبة كبيرة الا واحدا منهم بقي واقفا بأدب لفت نظره فقال له : " يا غلام ، لم لم تهرب مع من هرب ؟ "..قال له الغلام :ايها الأمير ..لست ظالما فأخشى ظلمك ولست مذنبا فأخشى عقابك والطريق يسعني ويسعك ..
اننا نفتقر اليوم الى هذه الجرأة المهذبة ..الى القوة المشيدة على أركان الثقة بالنفس وادراك الحقوق والسعي الى تأشير الأخطاء ومعالجتها لذا اعتدنا على ممارسة سلوك الرضى بما هو ممكن والخوف من مقارعة الظلم ..ولابد لنا اذا كنا ننوي الانتفاض على الخوف المتأصل في نفوسنا ان نتحرر من التبعية والسكوت عن الحق فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء الا باعلاها وافضلها ، ونحن نمارس لذة الحلم بحياة افضل دون ان نسعى لتغيير واقعنا المرير ..
ليس ذنبنا مثلا ان نمارس الفوضى والسلبية في حياتنا فظروفنا أجبرتنا على ذلك وحكوماتنا ربتنا على الخنوع لأنها استخدمت سوط السلطة بسبل متعددة لكن الإنسان يجب ان يكون اقوى من الظروف ويشكل حياته بيديه ، ولأن حكوماتنا لم تلامس إنسانيتنا يوما وعاملتنا كأدوات لنفخ السلطة فقط فلابد ان نتخلص من عيوبنا وننتفض على أسلوب تربية آبائنا ورؤسائنا ، ولن نضطر بعدها الى التدافع من اجل كسرة خبز او السير (جنب الحائط ) لضمان رضى السلطة ..
الحيطان لها آذان!
[post-views]
نشر في: 16 مايو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو همس الأسدي
أوليست النتائج الأولية للأنتخابات خير دليل على ذلك الجبن والخوف المتأصل فينا من التغيير ؟؟ بدليل الخنوع والأستسلام للسىءوالسارق والطائفي !! بذريعة(( شين التعرفه أحسن من زين الماتعرفه )).. وكأننا على معرفة مسبقه بالأطباء الذين أسلمناهم حيواتنا عند العمليات