يندر ان يعمّ الخير بلدا يتمسك حاكمه بالكرسي. ويندر أيضا ان تجد حاكما استقتل من أجل البقاء على كرسيه سنين طوال ولم يُذل. يضرب المنصب شو بيذل.
وفي المقابل، ما من رئيس غادر كرسيه طوعا إلا ووقف التاريخ احتراما له، رغم ندرة هذا النوع من الرؤساء. شخصيا لا أتذكر من الحكام العرب من فعل ذلك غير سوار الذهب السوداني وفؤاد شهاب اللبناني.
وان كانت اغراءات الجاه والمال، وحب التسلط، وغريزة الاستبداد، والخوف من كشف ما خلفه الحاكم وراءه من فساد مالي واخلاقي، من بين الأسباب المعروفة لتمسكه بالسلطة، الا ان هناك دوافع سيكولوجية أخرى قد تدفعه لذلك. هذه الدوافع تختلف من حاكم الى آخر. فبعض لم يكن له أول فوجد بالسلطة أوله. وبعض عاش طفولة مهمشة ومهشمة فالتصق بثدي الاستبداد ليعوض نقصا عميقا بداخله.
من جانبي، أرى ايضا ان الحاكم الذي لا يعرف طعم الفرح يتشبث بالسلطة. الحاكم الكئيب تتعلق روحه بكرسيه لدرجة تجعلك تحتار: هل هو انسان تحول إلى كرسي، أم كرسي أصبح انسانا من خشب؟
خطر ببالي "فقدان الفرح"، كسبب للتشبث بالكرسي، بعد ان قرأت تصريحا للرئيس اللبناني ميشال سليمان قال فيه انه ينتظر يوم انتهاء ولايته بـ "فرح". هنياله. كم مثل هذا السليمان عندنا في العراق؟
على الضد من ذلك اذكركم مرة أخرى بصاحب الوجه الطويل "بدري أبو كلبجة" مأمور مركز الشرطة في المسلسل السوري القديم "حمام الهنا". بكى ولفه الحزن من كوكة رأسه حتى أخمص قدميه يوم أحالوه على التقاعد. ضاعت السلطة من بين يديه وضاع وياها فرحها.
الكاتب الأمريكي دكستر فيلكينس نشر مقالا في مجلة "نيويوركر" بتأريخ 28/4/2014 قال فيه أن أحد شركاء نوري المالكي لفترة طويلة اخبره أن الحجي "لا يبتسم أبدا، ولا يقول شكرا أبدا، وانه لم يره مرة اعتذر". الرجل لا يعرف الفرح.
انه: لا خبر .. لا جفية .. لا حامض حلو .. لا شربت.
جميع التعليقات 1
الدكتور سعد حسون الحيالي
نسيت الجنرال الامين زروال رئيس جمهورية الجزائر شخصية الرئيس زروال بسيطة ومنضبطة، وقد أعطت رزانته ثمارها في إدارة أخطر أزمة شهدتها الجزائر في تاريخها. يعرف زروال أيضا بأنه مفاوض قوي، وذو هيبة حيث رفض لقاء الرئيس الفرنسي شيراك في ظل شروط مهينة وضعها هذا ال