تثير الحملة التي شنها اللواء المتقاعد في الجيش الليبي خليفه حفتر، ضد التنظيمات الإسلامية التي يصفها بالإرهابية، وترفضها الحكومة في طرابلس سؤالاً حول إن كان الضابط الطموح، يقود انقلاباً لمنع تكريس ليبيا كدولة فاشلة، أم يسعى لمنع إرهاب الإسلامويين من التمدد، بعد قيام التنظيمات المتطرفة باغتيال العديد من ضباط الجيش السابقين والحاليين، مؤكداً حق هؤلاء في الدفاع عن أنفسهم باعتماد أسلوب الهجوم بدل الدفاع، واستهداف من يستهدفهم، بعد فشل الدولة المركزية في الحد من عملياتهم.
ليبيا ما بعد القذافي دولة فاشلة بامتياز، وقد فشلت القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الحد من حدة الاصطفاف السياسي، الذي يساهم في تدهور الأوضاع الأمنية، إضافة إلى انصراف دول الجوار عن المشهد الليبي إلى مشاكلها الداخلية، ما أسفر عن الحال الراهنة التي يمكن ببساطة أن تقود البلاد إلى حرب أهلية، يقول حفتر إنه يسعى لمنع اندلاعها، في حين يتهمه خصومه بقدح شرارتها، لتمكينه من تحقيق طموحه السلطوي، وإذا كان الغرب يساعد في إعادة بناء جيش نظامي، فإن القوات المسلحة في وضعها الراهن لا تستطيع السيطرة على كتائب المقاتلين الذين حاربوا القذافي.
تعتقد واشنطن بأن هناك مساراً طويلاً وشاقاً، على الليبيين أن يقطعوه لإرساء ركائز الدولة، فقط لأن بلادهم خرجت من ظلام الدكتاتورية إلى فضاء الحرية، على اعتبار أن مجرد عقد انتخابات هو انتصار للديمقراطية، بغض النظر عن الفوضى التي تعصف بالبلاد والعباد، في حين تضرر قطاع تصدير النفط الحيوي بشدة، حيث يتكرر استهداف المسلحين له، وهم يسعون لنيل حصة أكبر من الثروة النفطية والحصول على مزيد من الحكم الذاتي لمناطقهم، أو حتى الحصول على خدمات أفضل، في حين تسود الشارع الليبي فكرة مفادها بأن البلاد تحتاج إلى رجل قوي، يعيد الأمن إلى بنغازي أولاً ثم لكل ليبيا مستقبلا، لأن طبيعة الصراع المحتدم اليوم، لن تسمح بالمصالحة الوطنية والانتقال إلى الديمقراطية.
حفتر بعد ان خفت حدة المواجهات في بنغازي، يؤكد أن قواته بدأت هذه المعركة وستواصل حتى تحقق أهدافها، وأن انسحابها بشكل مؤقت من بنغازي كان لأسباب تكتيكية، وهو يرى أن الموت في ساحات القتال ضد التكفيريين أشرف من الخضوع لهم, وأن عنوان معركته ضد مجموعة من الأنذال غير الليبيين هو الكرامة التي دعا مواطنيه إلى الانضمام لقواته لصونها، بينما
الحكومة المركزية في طرابلس، وهي لا تملك أكثر من إصدار البيانات بإعلان منطقة حظر طيران في أجواء مدينة بنغازي وإغلاق مطارها، وصفت تحرك حفتر ضد الميليشيات الإسلامية بأنه محاولة انقلابية، واعتبرته عملاً خارجاً عن الشرعية، واتهمت قواته بالخروج عن نطاق سيطرة الدولة الليبية، وكأن علينا أن نصدق أن هناك دولة حقيقية في ليبيا، وليس مجرد إقطاعيات لأمراء حرب ظلاميين يتسترون بالإسلام، في حين يضرب الضعف كل مفاصل الحكومة، ويعاني البرلمان المنتخب من الشلل بفعل المشاحنات السياسية، ويعجز عن صياغة دستور جديد، ويسمي ثلاثة رؤساء للحكومة في فترة شهرين، يعجز كل منهم عن ممارسة مهام وظيفته.
بغض النظر عن نوايا اللواء حفتر، المعارض العنيد لدكتاتورية القذافي، فإن ما يجب ملاحظته أن القوى المتسترة بالإسلام تمهد بتصرفاتها أما للفوضى، أو دكتاتوريتها الإقصائية، أو العودة إلى حكم العسكر.
حفتر الانقلابي؟
[post-views]
نشر في: 18 مايو, 2014: 09:01 م