TOP

جريدة المدى > عام > "سبات شتوي" المتوج والفرنسي "البحث" قوبل باحتجاج النقاد

"سبات شتوي" المتوج والفرنسي "البحث" قوبل باحتجاج النقاد

نشر في: 28 مايو, 2014: 09:01 م

لم تترك الدورة 67 لمهرجان كان السينمائي موت المخرج السويدي العربي الأصل مالك بن جلول يمر دون وقفة خاصة منها، سيما وأن موته التراجيدي المبكر، قد تزامن مع موعد أيام انعقادها فرتبت لفيمله "البحث عن الرجل السُكَر" عرضاً خاصاً بالتنسيق مع الجناح السويدي ا

لم تترك الدورة 67 لمهرجان كان السينمائي موت المخرج السويدي العربي الأصل مالك بن جلول يمر دون وقفة خاصة منها، سيما وأن موته التراجيدي المبكر، قد تزامن مع موعد أيام انعقادها فرتبت لفيمله "البحث عن الرجل السُكَر" عرضاً خاصاً بالتنسيق مع الجناح السويدي المشارك في سوقه الى جانب اضافة صورته الى بعض النسخ من بوستر المهرجان الرسمي لتضيف بعداً عربياً دعم المشاركة القليلة للسينما العربية هذا العام والتي تمثلت بالأساس بفيلم المخرج السوري  أسامة محمد "ماء الفضة" والذي شكل هو الآخر مفاجأة لمستواه العالي.
 فيلم "البحث عن الرجل السكر" آسر ومثير عن مغني الروك الأمريكي سيكستو دياز رودريغز الذي ظهر في بداية سبعينات القرن الماضي، بنمط غير مألوف من الغناء قابله الناس وشركات تسجيل الاسطوانات الموسيقية بالتجاهل والصد لكنه اُستقبل في مكان آخر بعيد، في جنوب أفريقيا كنجم أسطوري وتداول المناهضون لسياسة الأبارثيد والعنصرية أغانيه واسطوانته بسرية بعد أن منعتها حكومة الأقلية البيضاء. لم يعرف الأفارقة الجنوبيون أن الرجل الذي يعشقون سماع أغنياته وملهم نضالهم مجهول في بلاده يعمل في بناء البيوت وترميم المنازل ليوفر لقمة عيشه، ظهر على ضفاف نهر ديترويت فجأة مثل وميض البرق واختفى، وشاعت عنه أنباء أنه وبسبب من الإحباط الذي شعره أشعل النار بجسده فوق أحد المسارح ومات محروقاً.
رحلة البحث التي بدأها مالك بن جلول دامت ثلاث سنوات وانتهت بالوصول اليه حياً، فالرجل لم يمُت بل انزوى وترك الموسيقى ليعيش حياة عادية ويشارك في أنشطة سياسية تدعو للعدالة ونبذ العنصرية في بلاده. اكتشاف وجوده ورحلته الأولى الى جنوب أفريقيا، ليقيم على مسارحها حفلات شعبية يغني لجمهوره تلك الأغنيات التي حفظوها عن ظهر قلب، أعادت الحياة اليه والى "أغنياته الميتة" وأشهرها "الرجل السُكًر". صنع مالك بن جلول من حكاية "الرجل السكر" رودريغز فيلماً مركباً بين الوثائقي الموسيقي والوثائقي الدرامي من خلال إعادة تشكيله الأجواء التي عاشها المطرب في ديترويت وتسجيل تجربته الموسيقية فيها وفي الجهة الثانية من المحيط أجرى مقابلات مع الذين عرفوه من خلال فنه ونقل مقدار تأثرهم به وحبهم له. تجربة مضنية ورحلة طويلة بدأت بفكرة صغيرة لبرنامج ثقافي تلفزيوني سويدي انتهت الى فيلم فاز بالأوسكار، وجعل العالم كله يعَوّل على مخرج  فاجأهم بموته عن عمر توقف عند رقم 39 عاماً، ما أثار حالة من الحزن خيمت على أجواء المهرجان. وفي المقابل وعلى المستوى العربي أيضاً أحدث عرض فيلم "ماء الفضة" لأسامة محمد ردود فعل كثيرة ايجابية بخاصة بين أوساط النقاد العرب لحيوية موضوعه الذي مس جانباً من الحرب الأهلية الدائرة رحاها في سوريا.
وفيما يخص جيراننا من الدول فالسينما الإيرانية لم تشارك هذا العام في مسابقاتها لكن التعويل وحتى كتابة هذه السطور ما زال على الفيلم التركي "سبات شتوي" لنوري بلغي جيلان لكونه من بين الأفلام المتبارية في المسابقة الرسمية ولسمعة صانعه الذي يعد من بين أهم المخرجين في العالم لخصوصية أسلوبه السينمائي وعمق موضوعاته التي تغور عميقاً في الحياة التركية. فيلمه الأخير لا يشبه أفلامه السابقة من ناحية الشكل الذي أعتمد هذه المرة كثيراً على الحوار الذي أفضى الى بوح عن المتراكم النفسي  داخل الكائن البشري ولذلك ذكرنا مباشرة بأفلام بيرغمان بفارق أن جيلان يميل الى تفكيك الشخصية التركية وفق ارتباطها بالعمق التاريخي والقومي وعبرهما يدخل الى موضوع الهوية التركية الملتبسة التي حاول في كثير من أفلامه تحليلها بأدواته السينمائية التي أتخذ لنفسه أسلوباً خاصاً فيها يعتمد على جماليات الصورة وعمقها بحيث يغدو كل مشهد عبرها وكأنه لوحة مصورة في بيئة تركية لها مدلولاتها في كل فيلم وهذا ما تجلى بوضوح في "حدث ذات يوم في الأناضول" وعد عملاً سينمائياً كبيراً مثله مثل "سبات شتوي" الذي يتوقع له الكثير من النقاد الخروج بجائزة أو أكثر في دورة المستويات فيها متقاربة جداً باستثناء بعضها مثل "البحث" للمخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكيوس الذي أراد أن يتناول موضوعاً إشكالياً يتعلق بالموقف من الشعب الشيشاني والحركات التي اتخذت من العنف أسلوباً في مواجه ممارسات موسكو الهمجية ضده. حيوية الموضوع ومحاولة قراءة أسباب ظهور الحركات الإسلامية المتشددة فيه لم تشفع لضعف الفيلم الذي أخذ أسوأ ما في هوليوود وارتكن على كلشيهات وأنماط عمل تعتمد على التحفيز العاطفي وإضافة المزيد من المؤثرات الصوتية لإخفاء ضعف نصه على المستويين الكتابي والاخراجي لدرجة يتساءل المرء لماذا يقدم مهرجان كبير مثل كانّ فيلماً كهذا في مسابقة تضم أسماء كبيرة وأفلام مهمة سننتظر أياماً لمعرفة من منها سيحوز على سعفاتها الثمينة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

أوليفييه نوريك يحصل على جائزة جان جيونو عن روايته "محاربو الشتاء"

مقالات ذات صلة

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو
عام

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو

علي بدرفي مدينة تتلألأ أنوارها كما لو أنها ترفض النوم، وفي زمن حيث كانت النجومية فيها تعني الخلود، ولدت واحدة من أغرب وأعنف قصص الحب التي عرفتها هوليوود. هناك، في المكاتب الفاخرة واستوديوهات السينما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram