أولئك الذين يحبون استكشاف الأماكن المسحورة أو السفر عبر ممالك، لا يمكن أن يفتقروا إلى زيارة غاليري دوروثي سيركَس ، و هو فضاء لذيذ في روما، كأنه أرض عجائب مكرَّسة للاتجاهات الجديدة في الفن الرمزي المعاصر. و كان افتتاح الغاليري لبرنامجه لعام 2014 بالمع
أولئك الذين يحبون استكشاف الأماكن المسحورة أو السفر عبر ممالك، لا يمكن أن يفتقروا إلى زيارة غاليري دوروثي سيركَس ، و هو فضاء لذيذ في روما، كأنه أرض عجائب مكرَّسة للاتجاهات الجديدة في الفن الرمزي المعاصر. و كان افتتاح الغاليري لبرنامجه لعام 2014 بالمعرض الشخصي لرَي سيزر) Ray Caesar المولود في لندن عام1959)، و الفنان الرؤيوي، المشهور في جميع أنحاء العالم، و القائد الذي لا ينازَع للفن الرقمي. و هو يعطي تفسيراً شخصياً لعالمه التصويري السريالي الشعبي، بجعله في جو من أسلوب الروكوكو و العصر الفكتوري، و العودة إلى زيارته بطابع شبيه بالحكاية الخرافية، حيث يقدّم عنصراً متغرّباً مع لمسة من بيئة شهوانية و مرعبة، ليربك الأناقة الرقيقة لحورياته القاسيات. و سيزر، إضافةً لشخصيته الكارزمية الأصيلة و تفكيره المستقل و اعتداله، لديه الموهبة للكشف عن عالمه الداخلي بكلمات شاعرية قوية.
* حدّثنا أولاً عن تلك الأصوات التي سمعتها للمرة الأولى، في طفولتك، متى كان ذلك؟
- أتذكر و أنا في سن الخامسة أو السادسة رؤيتي امرأةً تجلس عند سريري. و كانت تتكلم بكلماتٍ حنون لطفيفة لم تكن بالأمر الاعتيادي في تلك الفترة من حياتي. و لم يذكرها أحد غيري أو يتذكرها أو يتحدث عنها. و أنا ما أزال أسمعها إلى اليوم و أتقبلها هكذا. و أدعوها الأمل.
* كيف حوَّلتَ الخوف و المعاناة في شبابك؟ و كيف تحوّله في وقتنا هذا؟
- فعلت هذا بإخفاء الجانب الهش و اللطيف من نفسي في نافذة عملتها في عقلي. و وضعتُ كل مخاوفي في عالم داخلي جميل، و اليم كل ما أقوم به هو جعل هذه النافذة متاحة من خلال عمل صورٍ لها في هذا العالم.
* ما الذي غيَّر، في حياتك الفنية، العلاقة مع زوجتك؟ و بأية طريقة أثّرت الثقافة اليابانية فيك؟ و سيف الساموراي؟
- التقيت زوجتي و أن في سن 15و أثّرت بي ثقافتها اليابانية بشكل كبير. كان أبوها قد نجا من معسكر روسي للاعتقال بعد الحرب العالمية الثانية و كان رجلاً هادئاً جداً و فهم أن لدي صعوبة من حياتي الطفولية. فعلّمني طرق الـ Bushido ... لموازنة العنف و الغضب مع اللطف و الصبر. أن شيئاً ما يستحق أن يُعمَل جديرٌ بأن يُعمَل على نحوٍ جيد.
* لقد عملتَ لمدة 17 عاماً مصوّراً في مستشفى لطب الأطفال. و هناك رأيت بشراً يُستقبلون و هم يعانون من أمراض مختلفة، و تشوهات بدنية، و حتى من ألم مبرّح. فكيف أثّرت بك تجربة كتلك بالطريقة التي تصور بها طفلاً، أو شيئاً، أو سيناريو؟
- أخلق لهم عالماً صغيراً في عملي. أصنع عالماً لا يستطيع الإنسان و الطبيعة أبداً إيذاءهم في هذا العالم الصغير مرة أخرى، فهم في هذا العالم الصغير في السلطة و يستطيعون أن يستعيدوا كل ما أُخذ منهم ... يستطيعون أن يستعيدوا براءتهم.
* لماذا تتحول أطراف الشخوص في أعمالك الفني إلى عناكب و سيقان خفاش، أو مجسّات أسماك؟ هل هناك صلة بالحسّية و الشهوانية التي تعبّر عنها حورياتك؟ لماذا تبدأ الانمساخات فقط من الأطراف؟
- كان أبي يعاني من شكلٍ قاسٍ من التهاب المفاصل الطفولية و كانت قدماه مشوهتين جداً. و أصابع قدميه ملتوية. و أنا أتذكره و هو يخلع حذاءه بألم جالساً بعد أن يأتي إلى البيت من العمل و يضع قدميه في وعاء ماء. و أتذكر أني كنت أفكر بأننا لسنا على الدوام كما نبدو تحت الثياب و كان ذلك على الدوام استعارة لعدم كوننا على الدوام ما نعتقد بأننا عليه تحت جلدنا.
* للحكايات الخرافية دائماً بداية بهيجة و نهاية سعيدة، بالرغم من أن هناك دوماً عدو يعرقل وصول الهدف. و على العكس من ذلك، تتعايش في تصويراتك العناصر الشيطانية و البهيجة، و من هنا ما الذي تقوله حكايتك الخرافية؟
- في حكايتي الخرافية يكون البطل و الخصم كلاهما في داخل الشخص الواحد. ذلك أن ملاك الحب و الشجاعة و الأمل في كل واحد منا يجب أن يصل داخل عتمة مَن نكون و يأخذ ذلك العفريت المخيف داخلنا و يأتي به بلطفٍ إلى ضوء النهار ليهبطا ممر الحياة يداً بيد.
* تعمّ الثنائية في أعمالك الفنية : إيروس و ثاناتوس، المذكر و المؤنث، الهدوء و العاصفة. هذا التعاقب هو نوع من التوازن بين العناصر المتضادة، أو بالأحرى حياة متفجرة متضمَّنة في هدوء ظاهر.
- أحب، من ناحيةٍ، أن أعرض تقسيماً عمودياً للتباين لكن كذلك سرداً أدق عن تقسيم جانبي للطبيعة البشرية. بتعبير آخر، هناك نور و ظلام لكن هناك في الغالب غموض و تعجب في الظلام و أحياناً عادية متقرحة في ضوء النهار. و أنا أحاول أن أنظر إلى التباينات بهذه الطريقة بتفكير جانبي. و هذه عملية فكر بالنسبة لي بل و كذلك طريقة مزج لعمليتي الحدسية.
* أحياناً تكون الحكاية الخرافية من تخيّل كاتب، و أحياناً من تصوير رسّام. لكن إذا أضفنا أحلام الأول إلى فنتازيات الثاني، أو بالعكس، فإن زاداً input إبداعياً يمكن أن يظهر. فهل يمكنك أن تعمل في الاثنين معاً أم أنك كائن منعزل لا يبدع إلا داخل أدراج خياله الشخصي؟
- أنا في الأساس كائن منعزل لكنني أعتقد دائماً أن هناك أشخاصاً في الخارج من هنا يكوّنون جماعاتٍ جيدة جداً و عملون في انسجام. و يشبه ذلك محاولة أن تجد رفيق حياة و لو أن هذا إما أن يحدث أو لا يحدث. و من بعض النواحي، أود كثيراً أن أجد الشخص أو الأشخاص المناسبين للعمل معهم على تنفيذ أفكاري الكثيرة. و غالباً ما تقاربني شركات سينمائية لكني أفضّل أن أعمل في قصص أساعد فيها على تطوير الفكرة. و أنا أحب الكتب لكني كما ذكرت آنفاً أود أن أطوّر طريقة جديدة للسرد القصصي باستعمال تكنولوجيا الألعاب و استخدام الواقع الافتراضي.
عن: wall street internation