منذ أن وضعت حرب " انتخابات الأولمبية" أوزارها في منتصف آذار الماضي وتربع الفائزون على مقاعد المكتب التنفيذي حتى خُيّل لأغلبهم أنهم صاروا أكبر القوم وأكثرهم أبهة وشمخرة وكأنهم نزلوا من السماء بمظلات الإنقاذ بعد أن أغرقهم الوهم ملء ذقونهم أن رياضة العراق (سَبيّة) لا رجال لها يحفظون كرامتها ويرفعون عنها أثقال اليأس إلا هُم بعد أن انشغلوا بدفع التهم عن أنفسهم عقب فضّ الانتخابات المركزية بينما كانوا سبباً في توجيهها للآخرين قبلها!
الهروب الكبير تجلى أمس في فندق الشيراتون ولم يستطع الأكابر تسجيل موقف تاريخي لمواجهة مصير واحد من أهم الانتخابات الرياضية في العراق (اتحاد كرة القدم) حيث ترك كبار الأولمبيين المعنيين بشأن كرة القدم وقوانين الانتخاب فيها أهل الكرة يتلظون بنار الصراع من دون الرقيب الدولي بينما كان يفترض من الهاربين أن يتناخوا لهم ويكونوا أول الحاضرين في بدء المؤتمر ليسجلوا الموقف التاريخي الذي يسمو فوق جراح العتب واللوم والضغينة!
وخلافاً لما توقعه بعض المتربصين بكرتنا من إضرام نار الخلافات وعرقلة مساعي إجراء الانتخابات وإحالة ملفها من جديد إلى كونغرس (فيفا) ، جاء الرد بليغاً من مؤتمر الشيراتون عندما نجح أعضاء الهيئة العامة في حسم الملف بانتخاب الرئيس الجديد عبد الخالق مسعود وسط أجواء ديمقراطية اتسمت بالضوابط الصارمة والإجراءات الصحيحة أثناء عملية التصويت ليقلب مسعود الطاولة على غريمه ناجح حمود ويحقق ما وعد به الهيئة العامة بأنه فائز لا محال لثقته وصدقيته بالبرنامج الانتخابي المقدم قبيل الشروع بالمؤتمر، ولهذا لم تكن هناك مفاجأة في النتائج بقدر ما افتضح سلوك المتغطرسين الذين امتدت أذرع أطماعهم ليغرسوا جذور مملكتهم على الرمل !
فعلاً أنها معادلة قاسية أثبتت أن لا خلاص لكرتنا من كل تلك السيناريوهات المشبوهة إلا بإتيان عقول ناصحة تدير العملية الرياضية بلا مؤامرات وتحت وضح النهار وليس وراء الكواليس، فالرياضة سَئِمَت من سلوكيات هوجاء لا همّ لأصحابها سوى إسقاط الناجحين ومعاداة الشرفاء الرافضين للسُحت الحرام ، ولابد من أن تتصدى القيادات الرياضية الحقيقية إن كانت ترى نفسها بالفعل نموذجاً للسلطة المقتدرة على الإصلاح وتشذّب الساحة من الفاشلين لأنهم "رموز التخلف" الذي سطا على مساحة واسعة من بقاع الرياضة في القمة والسفح.
إن الكرة العراقية اليوم أصبحت على أعتاب مرحلة استثنائية لا تقل خطورتها عن مرحلة التوّجس التي سبقت الانتخابات، فحصول مسعود على الرئاسة لا يعني انه نال مصباح علاء الدين السحري فكل شيء في اللعبة يُـنذر بالتهلكة ولا يُجدي معه نفعاً سوى الاتكاء على أهل الخبرة والصدقية لإيداع ذمة عام كامل من المراجعة والتصحيح على عاتق لجان متخصصة لا يُنتقى أعضاؤها بحسابات المجاملة وصُحبة العمر، بل وفق مفاضلة مدروسة بترجيح كفة من أغنته التجارب في مداواة الكرة المريضة، ولا يمكن أن ينجح مسعود وحده من دون مؤازرة الجميع بمن فيهم الخاسرون أمس ليكونوا عوناً لمجلس إدارة الاتحاد في نفض غبار الكسل واستحداث آليات بناء الهيكل المقترح لنظام الاتحاد الداخلي لكي تمضي اللعبة بسلام بعيداً عن أزمات التهديد الدولي.
شكراً للدكتور قصي السهيل على إصغائه لرسالتنا بوجوب حضوره المؤتمر الانتخابي ليكون حارساً للديمقراطية وأميناً على وعوده بتسليم ملف الرياضة إلى عُهدة البرلمان الجديد من دون مشاكل أو عصيان ، فها أنت تفي بوعدك وتسجل موقفاً مشرفاً نحفظه لك بمزيد من الفخر لاحترامك نداء الصحافة ووقوفك صديقاً داعماً للرياضة ومنقذها من المتسللين فوق حواجز الانتخابات والقوانين ولم تلعب على حبالها قط كما فعل الآخرون.
هروب الأكابر
[post-views]
نشر في: 31 مايو, 2014: 09:01 م