حتى السيد ابراهيم الجعفري قائد كتلة التحالف الوطني العاجزة والمشلولة، يشعر بالنتيجة المؤسفة لصمته، فيوم امس وحسب موقعه الرسمي، استقبل كل انصار تياره وتحدث لهم عن "معنى" المقاعد الستة التي ربحها، قائلا ان اصوات تيار الاصلاح "ذهبية" لأنها لم تكن بسبب تعيينات ولا قطع ارض، في اشارة الى انه لم يلجأ لاسلوب السيد المالكي في الفوز. ولذلك فالجعفري يعتقد ان ٦ مقاعد بلا هدايا ورشاوى، معناها اكثر لمعاناً وتوهجاً من ٩٠ جاءت بطريقة القاضي محمود الحسن.
وانا شخصيا مؤمن لاول مرة برأي للسيد الجعفري، شرط ان لا يخلط "مقاعده الذهبية" بمقاعد خشبية عادية في تشكيل التحالفات، والا انسد المعنى وتبدد، والرجل "ملك" المعاني الرنانة دون شك. وعلى هذه المعاني ان تشتغل كثيرا لتفكر في تغيير قواعد اللعبة بحيث نقطع الطريق على التفاف مماثل في المرة المقبلة، سواء كان رئيس الحكومة هو عباس البياتي او صنگول جابوك.
وفي اطار تشكيل التحالفات، اعجبتني كثيرا تصريحات للسيدة ميسون الدملوجي، تقول فيها ان قائمة اياد علاوي تريد الانطلاق نحو الهدف مباشرة، وتمنتع عن الانخراط في تكتل شيعي او سني. رأيها باختصار ان العراق في لحظة صعبة لا داعي معها للف والدوران، فلماذا ننخرط في تكتلات طائفية، ثم نتفاوض كي ندخل الى ائتلاف الحكومة؟ ولماذا لا تجتمع كل الاحزاب التي صوتت على منع الولاية الثالثة تحت قبة البرلمان، في كتلة واحدة منذ هذه اللحظة، عابرة للقوميات والطوائف، وستكون حينئذ اقدر على التفاوض داخلياً وخارجياً! انها وجهة نظر جديرة بالملاحظة لان اللعب وفي وقت مبكر هذه المرة، صار "على المكشوف".
وفي الاطار ذاته، "دخنا" حقا بالكتلة التي اعلنها النائب سليم الجبوري الذي احترمناه لسنوات، فقد قال مساء الخميس ان فيها الجميع، من متحدون وعلاوي الى اخره. لكن "الجميع" هؤلاء راحوا ينفون منذ فجر الجمعة، تلك الانباء، وقالوا انهم خارج "اتحاد القوى"! والسبب تقريبا واضح، فقد حاول الاعلان ان يلتزم الحياد ازاء الولاية الثالثة، بينما للنجيفي وعلاوي موقف واضح جدا ازاء رفضها.
وانا شخصيا لازلت ان ابحث عن تفسير للموقف الذي وضع الجبوري نفسه فيه. وعجزت ايضا عن فهم البيان الذي اصدره، وسأظل متعاطفا معه حتى لو ايد الولاية الثالثة، لمعرفتي الجيدة بخصال طيبة فيه، رغم اي اختلاف حول هذه القضية او تلك.
محافظ نينوى اثيل النجيفي، قال في واحدة من "بوستاته" الصريحة على فيسبوك، انه يتفهم هذه "المرونة" لانها تأتي في اطار محاولة "تهدئة" المالكي الغاضب جدا خشية ان "تطير" الولاية الثالثة، والذي يمكن حسب تحليل السيد اثيل، ان يأمر باعتقال كثير ممن يرفضون تأييده. ومن يقول ان ذلك غير ممكن، بعد حادثة العلواني، وقضية اجتثاث العيساوي والشهيلي والساعدي؟
لكن اكثر من طرف، سني وغير سني، بدأوا يتحدثون عن امكانية "اصلاح المالكي" وإلزامه بتعديل المسارات. وهي امنية لا تقتصر على هذه الجماعة او تلك، بل تشملنا جميعا، وكان على رأس من تمنوها في السابق، رئيس الجمهورية جلال طالباني، بل ان اتفاقية اربيل وبنودها الاصلاحية يومذاك، لم تكتب الا بأمل اصلاح الحاج ابي اسراء، وإعادته الى الحظيرة الوطنية، بدلا عن عناده واجراءاته التي اعادت كتابة قواعد اللعبة من طرف واحد وبنحو متعسف. الا ان اصلاح المالكي الذي لم ينجح طوال ثمانية اعوام، يستحيل ان ينجح في بضعة شهور هي السقف الزمني للتفاوض على تشكيل الحكومة، وحين يجري انكار هذه الاستحالة فان اللعب فعلا سيصير "على المكشوف" بحق "المقاعد الذهبية" للسيد ابراهيم الجعفري.
لعب على المكشوف
[post-views]
نشر في: 31 مايو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
مواطن عراقي
عاشت ايدك على هذا المقال الوافي استاذ سرمد دمت مواطنا عراقيا اصيلا يكتب للملأ ما يؤرقنا وينفس عنا البعض من ضغوطنا الداخلية بسبب المهازل التي عاثت فسادا بالعراق واهله.
خليلو...
انهم الداعون الى اصلاحه يغسلون حبشيا لعله يبيض
المحب دائما
بسم الله الرحمن الرحيم الكاتب والصحفي (سرمد الطائي) المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أن من دواعي فخري واعتزازي أن أقرأ ولأول مرة مقالاتك المنشورة في ثنايا صحيفة المدى الموقرة، ولا تتصور مقدار الشغف والشوق الذي ارنوا إليه لمعرفة اسلوبك في الكتابة حت