الوحش الكاسر القابع في أعماق النفس البشرية منذ بدء الخليقة لحد اليوم ، تكفيه انفراجة متواضعة لينطلق . يعيث ويعبث ، يفجر ، يحرق ويدمر .
هذا الوحش لا يمكن لجمه او ترويضه او تدجينه إلا عبر قوانين نافذة ، وعقوبات صارمة ، تسري على الجميع ، لا فرق بين ثري ومدقع الفقر ، ولا تمايز بين شحاذ وأمير ،
قبل شهور لوحقت سيارة مارقة عبر طريق خارجي ، تجاوزت السرعة المسموح بها ، وأرغم سائقها على التوقف . حين اكتشف الشرطي ان سائق السيارة هو ( الأميرة آن ) الابنة الوحيدة لملكة بريطانيا ، لم يتلجلج او تصطك أسنانه او ترتجف يده ، بل تقدم ، وأدى التحية بأدب جم . وحرر لها مخالفة مرورية ، وأوقع عليها في الحال غرامة مالية ، أشار عليها بدفعها خلال أسبوع تجنبا لمضاعفة المبلغ .
امتثلت الأميرة لقرار الشرطي ، وعللت سرعتها القصوى للحاق بموعد المحاضرة التي كلفت بإلقائها في إحدى الجمعيات الخيرية . لم ترفع بوجه الشرطي إصبع تحذير ، لم تهدده بفصل او سجن ، لم تشتمه لتطاوله على ذات ملكية . اكتفت بالاعتذار قبل ان تواصل السير .
أتمعن مليا . في الصور العديدة المبثوثة على اكثر من موقع ل ( الساعدي ) الابن المدلل للعقيد معمر القذافي ، اهذا حقا هو ( الساعدي) ؟ كائن كسير الهيئة ، كئيب السحنة ، مهلهل متسخ الثياب ، زائغ النظرات ، حليق الرأس كث اللحية . مستسلم لمشيئة سجان ، استسلام خروف للذبح . كانه ما كان يوما الآمر الناهي ، الكثير النزوات ، المبذر للثروات . الزبون المفضل لنوادي باريس وروما . أهذا هو ابن الرجل الذي ملك المال وصولجان السلطة وحيوات الناس ومقادير بلد وعجز عن كبح جماح أولاده؟
تتداعى الصور الفاجعة أمام المخيلة لأبناء من حكموا : قصي وعدي صدام حسين ، جمال وعلاء حسني مبارك .. والأسماء الأخرى على لائحة الانتظار . تقف في الطابور
السلطة مفسدة ، السلطة مصيدة ،السلطة لغم موقوت موعد تفجيره ، السلطة طعم شهي لاستدراج الطريدة للوقوع في حبائل الفخ .العبر كثيرة .. كثيرة ، والاعتبار قليل ..
فهل ثمة من يستمع لنداء اطلقه احد الحكماء: صونوا براءة أولادكم ان تتلوث بسخام السلطة؟
هذا ما جناه علي أبي
[post-views]
نشر في: 1 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبوهمس الأسدي
بالفعل مصيده لاتختلف عن مصيدة الفئران التي لاتتعض من سقوط العديد من قبلها في الفخ ؟ بل أن ما بداخل الفخ والذي يسيل لعاب الفأر له لايختلف عن الطعم الشهي في السلطة والذي يسيل له لعاب معظم النفوس البشرية؟ لكن الأنظمة وتطبيقها على الجميع هو ما يكبح جماحها و