TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حكومة التوافق والموقف الأميركي

حكومة التوافق والموقف الأميركي

نشر في: 3 يونيو, 2014: 09:01 م

لم تجد الولايات المتحدة مناصاً من التعامل مع حكومة التوافق الفلسطينية الجديدة، وأكدت أنها ستواصل تقديم المساعدات لها، ولو أنها حاولت تخفيف وقع الصدمة على حليفتها إسرائيل، التي عبرت عن خيبة أملها من الموقف الأميركي، فحذرت من أنها ستراقبها عن كثب لضمان احترامها مبدأ نبذ العنف، ولأن واشنطن تعرف جيداً سياسات الرئيس محمود عباس، فانها واثقة أنه شكل حكومة تكنوقراط انتقالية لا تشمل عناصر مرتبطة بحماس، ومع ذلك ولطمأنة الحلفاء قالت إنها ستواصل تقييم تشكيلة الحكومة الجديدة وسياساتها، وستحكم على أفعالها، وعلى الرغم من تهديدات سابقة فإن الإدارة الأميركية تعهدت بمواصلة تقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية، رغم عدم اتضاح موقف تل أبيب من استئناف مفاوضات السلام مع الجانب الفلسطيني.
قبل الموقف الأميركي كانت الدول الأوروبية رحبت بحكومة التوافق ليس عن رغبة بالتعامل مع حماس، وإنما لثقتها بأن القرار السياسي سيظل بيد عباس، وأن أي مفاوضات سلام ستتم معه، وأن أي اتفاق سيكون بعيداً عن حكومة التكنوقراط التي تتهمها الدولة العبرية بأنها تضم عناصر من حماس، التي تعتبرها منظمة إرهابية تهدف إلى تدمير إسرائيل، رغم أنها تعرف أن هذه الاتهامات بعيدة عن الواقع الذي خبرته من خلال تعاملها مع هذه "المنظمة الإرهابية"، وأسفر عن عقد هدنة طويلة الأمد غير محددة تاريخ الانتهاء، تمتنع حماس خلالها عن القيام بأي أعمال "عدوانية" ضد إسرائيل، أما دعوتها لواشنطن بالضغط على الرئيس لإلغاء اتفاق المصالحة مع حماس، والعودة إلى مفاوضات السلام مع إسرائيل، فليست أكثر من محاولة بائسة، لتغطية كل تصرفاتها السلبية التي أدت لوقف العملية التفاوضية، التي كانت الإدارة الأميركية ترعاها وتعرف من عرقل مسيرتها.
لن يكون مُجدياً موقف بنيامين نتنياهو الذي يتهم عباس برعاية الإرهاب والاستمرار في سياسته الرافضة للسلام، فهو يعرف أكثر من غيره أنه لن يجد شريكاً فلسطينياً راغباً بالسلام أكثر من أبو مازن، إلا إن كان المطلوب أن يكون الشريك مستعداً للخضوع لمشيئة اليمين الصهيوني، وشروطه التي لاتكف عن التوالد كالفطر، والقبول بوأد الحلم الفلسطيني بإنشاء الدولة المستقلة، أما الإجراءات التي قررت اللجنة الإسرائيلية الوزارية لشؤون الأمن القومي اتخاذها، وتقضي بعدم جواز التفاوض مع حكومة فلسطينية تعتمد على حركة حماس، والعمل على جميع الأصعدة - بما فيها على الصعيد الدولي- ضد إشراك "تنظيمات إرهابية" في الانتخابات الفلسطينية، وتخويل رئيس الوزراء فرض عقوبات إضافية على السلطة الفلسطينية، فإنها ليست أكثر من قرارات انتقامية توقعها الفلسطينيون، ولن يسمحوا لها بالتأثير على قرارهم.
المؤكد أن الحكومة الإسرائيلية تدرك أن قرار المصالحة، وما أسفر عنه من تشكيل للحكومة، وما يلي ذلك من عقد انتخابات تشريعية ورئاسية، يضع عباس في موقف تفاوضي أقوى، على عكس رغبتها بأن يظل ضعيفاً وفاقداً لشرعية تمثيل كل الفلسطينيين، كما كان سائداً أيام الانفصال بين الضفة والقطاع، وكان الأنسب لها أن يستمر ذلك فيما تواصل مماطلاتها في التوصل لاتفاق نهائي، بحجة أن من يوقع الاتفاق من الجانب الفلسطيني لايمثل شعبه التمثيل الكافي، لكن المؤكد أيضاً أن المصالحة الوطنية الفلسطينية كانت مطلباً فلسطينياً وعربياً شعبياً، وأن تشكيل الحكومة الجديدة سيكون خطوة مهمة لدعم وحدة الصف واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ذلك ما يزعج اسرائيل ويستثير غضبها ويدفعها لكل ردود الفعل التي لن تغير شيئا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram