ما أن أعلنت انتخابات مجالس المحافظات عام 2013 حتى وجد اياد علاوي ان الإنجاز الذي حققه في انتخابات 2010 قد تبخر، حيث، جاء أسامة النجيفي وأشعل نار "متّحدون" تحت قدميه، وما هي إلا أيام حتى جاء صالح المطلك ليلقي بنزين "العراقية العربية" على النار، وكان قبلهم قد أشعل الفتيل حسن العلوي بتأسيسه العراقية البيضاء التي فرّخت في ما بعد العراقية الحرة.
وبصرف النظر عن أن القائمة العراقية كانت لحظة تأسيسها في نظر البعض تمثّل أطيافاً سياسية حريصة على إشاعة مفهوم الدولة المدنية، وبناء دولة المؤسسات، ثم تحولت هذه القائمة بين عشية وضحاها -بفضل قادتها- إلى تجمعات سياسية يسعى أصحابها للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب والمغانم، وتثبيت أقاربهم وأحبابهم في مناصب حكومية تدرّ عليهم الأموال والعقود التجارية، فإن ما يلفت النظر أكثر هو اندلاع الحريق بثياب إياد علاوي وقائمته العراقية في ثلاثة أماكن وفي توقيت واحد، فضلا عن أن التوقيت نفسه مثير للانتباه، وهو عشية الاستعداد لانتخابات مجالس المحافظات، ووسط فوضى سياسية، ، بجانب أن نوري المالكي ظل مصرا على تفتيت القائمة من خلال التلويح بالمغريات والمناصب .
وبعيدا عما جرى خلال السنوات الاربع الماضية من معارك وصراعات بين القوى السياسية ، فإن المثير بالامر كان صمت إياد علاوي، الذي أعتقد الجميع ومنهم كاتب السطور ان الرجل سيودع حلبة السياسة التي لم تجلب له سوى مزيد من الخصوم والشامتين، في ذلك الوقت كتبت مقالا تمنيت فيه ان يعبر اياد علاوي هذه الازمة بأقل الخسائر، وفي السياسة لا يكون التمني كل شيء، فالمآزق انذاك كانت لها أبعاد عدة، أبرزها أن السيد علاوي لم يستطع أن يشكل حزب أغلبية، كما أنه واجه مصاعب في إثبات أنه حزب المعارضة الرئيسي في البرلمان، حتى هذه المكانة لم يستطيع أن يبلغها، رغم أنه كان يملك ما يقارب الثمانين مقعدا، ولكن بين الحصول على مكاسب شخصية وسياسية وبين إرضاء الناخبين بدأت القائمة العراقية تتآكل، وأغلب الظن أن ابتعاد إياد علاوي عن مركز الأحداث –العراق– بسبب سفرياته الكثيرة جعله يقبل بدور "المنظّر لحركته"، بدلا من دور المشارك الفاعل في صنع الحدث، وهذا الاختيار نابع من تركيبته الشخصية بالأساس، بالنظر إلى أنه طوال عمره المديد مارس السياسة بمعناها العام وليس المباشر، وأعني بالمباشر ما تفرضه من التحام بالناس، فالرجل أمضى سنوات حياته في ظلال المعارضة الهادئة ومن ثم لم يكن منطقيا أن يتحول بين عشية وضحاها إلى ثوري يعتصم تحت نصب الحرية حتى تتحقق مطالب الناس بالإصلاح، وأيضاً لدى حركة الوفاق التي يرأسها السيد علاوي مأزق آخر، يكمن في المساحة التي تحتلها على أرض الواقع حين يفاجأ المتابع لأحوال الحركة بأن مساحتها التنظيمية على الأرض ليست بقدر طموحات أعضائها، بل إن قدرتها التنظيمية ضعيفة بشكل ملحوظ ما يدفعها إلى تعويض هذا الخلل من خلال الالتحام بقوى وتنظيمات سياسية ربما لا تتبنى الخطاب نفسه الذي تتبناه الحركة. وتلاحق حركة الوفاق اتهامات كثيرة بأنها تخلت عن منهجها الليبرالي حين عقدت صفقة مع قوى تنتمي لتيارات دينية، مثل حركة التجديد وجماعة الحل أو قوى تنتمي لتيارات متشددة، مثل جبهة الحوار الوطني، وهذه الخلطة كانت أولى بشائر الانتحار السياسي للسيد اياد علاوي.
وخلال العام الماضي ظنت القوى السياسية ان مازق علاوي سيستفحل ، لكنه فاجأ الجميع بان ادار ازمته السياسية بذكاء واستطاع أن يخرج من هذا المأزق، ولو بقدر قليل من الخسائر، فالرجل الذي اعتمد على تاريخه السياسي ولم تكن وراءه سلطة تدعمه، ولا ميليشيات تروج له ، فاجأ الجميع بحصوله على اعلى اصوات الناخبين بعد المالكي، واذا وضعنا في الاعتبار الإمكانات التي توفرت للمالكي والاغراءات التي قدمها للناخب والاموال التي صرفت واصطفاف الجيش والشرطة وراءه، وسيطرته على مفوضية الانتخابات، اذا وضعنا كل هذه الامور نصب اعيننا، سنكتشف بلا ادنى شك ان علاوي كان هو الرقم الاهم في الانتخابات الاخيرة ، لان الناخب العراقي لم ينظر اليه باعتباره ممثلا للشيعة حاميا للمذهب ولم ينتخبه البعض باعتباره منقذا للسنة ، ولكن منحوه اصواتهم لانهم يؤمنون ان بامكان اياد علاوي السعي الى طرح مشروع مدني للإصلاح السياسي، وان ينهض بقوة من حالة السبات والصمت واليأس، ومغامرات البحث عن منصب سيادي.
السيد اياد علاوي الناس لن تغفر لك ثانية قلة حيلتك ، أو حتى عدم قيامك بعملك ، ولن يسامحوا اذا حاولت ان تلعب بمصائرهم واصواتهم.
رسالة إلى إياد علاوي
[post-views]
نشر في: 3 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 5
محمدسعيد
هل يعتقد الكاتب ان ما يحدث في العراق حاليا ,بل ربما منذ عام 2003 في ان البلد يسير من ساسه تتمتع بحد ادني من المهنيه السياسيه والالتزام الاخلاقي والايمان بالاعراف والتقاليد المجتمعيه ,ام اننا امام حفنه مرتزقه جاء معظمها من وراء كواليس ال
مواطن
ليعلم علاوي اني لم اختره هذه المرة لاني وجدته في كل لقائاته التلفزيونية والصحفية فضا ويحرج مقابليه بطريقة فجة ...يأسر القلوب بطروحاته واراءه ثم بسهولة يجعل مريديه ينفضون عنه لجلافته الغير مبررة .
ابو سجاد
السيد علاوي يااستاذ علي لايعول عليه من فرط باكثر من تسعين مقعدا وخذل ناخبيه الملايين ويقول ان السلطة قد اختصبت مني اغتصابا لايعول عليه ولايؤتمن فانا اظم صوتي الى صوتك ان الرجل من الممكن ان يعتزل السياسة ويتوارى عنها
مواطن عراقي
انا مع طرح الاخ محمد سعيد واجانب الاستاذ علي حسين بالخطوط الخارجية لمقالته. ان العناصر المستحوذه على الحكم باعراق ماهي الا شرذمة جاءت بها امريكا من اجل خلق الفوضى الخلاقة من اجل تدمير اقوى قلاع العالم العربي ، بل القلعة الوحيدة، وقد نجحت امريكا بخطتها ا
علي عباس
الدكتور أياد علاوي حاولت الاحزاب الدينية المسيطرة على الحكم في العراق تحجيم دوره بشتى الوسائل لانه يمثل مشروعا مدنيا العراق الان بحاجة له لإخراجه من غياهب تخلف الاحزاب الدينية وطائفيتها ولان نهجه ليبراليا وطنيا فقد مورست ضده الكثير من الافعال الكيدية منها