نارين صديق مام كاكالشيخ محمود الحفيد (1881-1956) من الرموز والشواخص الخالدة في كوردستان العراق، ولما يزل هكذا في مسار تاريخه وعراقيته، لأنه هو وانتفاضاته دخل التاريخ العراقي، ملكاً مشاعاً، إذ قدمته جميع الوثائق:
* بأنه احدى صلات الوصل بين العرب والكورد (كما في الوثائق الوطنية).* وإنه حافظ على استمرار روح الثورة في الاجيال الكوردية (كما في الوثائق الروسية).* وإنه بندقية غاضبة (كما نعتته الوثائق البريطانية).أما شعبه الكوردي فكان ملهماً له ووجداناً وقاعدة شرارة لم يخمد اوارها برغم عنت السنين، وأصبح منذ نهض ثائراً في تحرير كوردستان أبان الحرب العالمية الاولى، جزءاً عضوياً من تراث الكورد القومي، جزءاً يغني ويسجل ويؤرخ!هو(محمود بن الشيخ سعيد كاكا أحمد بن الشيخ معروف البرزنجي)، ولد في قرية (داري كلي) 1881م ، وينتمي إلى أسرة كوردية عريقة في السليمانية، يرجع تأريخها إلى أكثر من (150) سنة، وكان عميدها (الشيخ أحمد البرزنجي) يتمتع بمركز كبير دينياً ودنيوياً، إذ كان بمنزلة الولي بالنسبة لشريحة واسعة من الشعب الكوردي. فلما توفي جده (الشيخ أحمد)، خلـّفه إبنه (الشيخ سعيد)، ثم خلـّفه بعد وفاته الشيخ (محمود الحفيد)، الذي أخذ نفوذه في صفوف الكورد يتصاعد إبان الحكم العثماني. درس علوم الشريعة والفقه والتفسير والمبادئ الصوفية على يد علماء السليمانية، واتقن العربية والفارسية والتركية إلى جانب اللغة الكوردية، وسافر مع والده الى اسطنبول بدعوة من السلطان عبدالحميد الثاني، حينما تم استدعاؤه من قبل سلطة الاتحاد و الترقي في العام 1908.أغتيل والده (الشيخ سعيد) غدراً في مدينة الموصل مع ولده أحمد في العام 1909م، وألقي القبض على الشيخ محمود ووضع في سجن الموصل بتحريض من قادة الإتحاديين الأتراك، وقد أثار إعتقاله غضب جماهير السليمانية، الذين ثاروا ضد السلطات العثمانية الحاكمة فاضطرت الحكومة التركية إلى إطلاق سراحه في العام 1910م، فعاد إلى السليمانية وحل محل والده زعيماً لها، وصمم على التخلص من حكم الدولة العثمانية وإنشاء دولة كوردية مستقلة. ولما اندحرت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، واحتلت بريطانيا العراق، حاولت تركيا أن تستميل الشيخ محمود الحفيد إلى جانبها، رغبة منها في إلحاق ولاية الموصل (والتي تشمل محافظات الموصل وأربيل وكركوك والسليمانية) بها. إلا أن الشيخ الحفيد اتصل بالإنكليز بصورة سرية وتعهد لهم بالسيطرة على الحامية التركية التي كانت لا تزال باقية في السليمانية، لقاء منحه امتيازات في إدارة شؤون المدينة، وتشكيل حكومة كوردية برئاسته على أن تكون تحت ظل الانتداب البريطاني .رحبت السلطات البريطانية بعرض الشيخ محمود الحفيد، نظراً لما يتمتع به من مركز مرموق في صفوف الشعب الكوردي، وقامت بإرسال مندوبين عنها من كبار الضباط لإجراء مفاوضات معه في (6) تشرين الثاني 1918، لتسهيل دخول القوات البريطانية إلى السليمانية، وقد إستقبلهم الشيخ محمود الحفيد بحفاوة، وسلمهم الحامية التركية، التي سيطرت عليها قواته.وسارعت السلطات البريطانية إلى تعيينه حاكماً على لواء السليمانية، ومنحته راتباً شهرياً قدره (15 ألف روبية)، كما عينت الميجر(نوئيل) مستشاراً له، وشُكلت نواة لحكومة كوردية في منطقة كوردستان العراق، والتي أشارت إليها (معاهدة سيفر) في موادها (62، 63، 64 ) بتوكيدها حق الكورد في الاستقلال.وما أن اصبح حاكماً حتى قام بتنظيم منطقة نفوذه، وإتصل مع رؤساء العشائر الكوردية للعمل معا لصيانة مكاسب الشعب الكوردي. وخلال إنعقاد مؤتمر الصلح في باريس حاول إرسال وفد خاص إلى باريس للالتحاق بالجنرال (شريف باشا) ممثل الكورد في المؤتمر، إلا أن الإنكليز منعوا الوفد من السفر متنكرين بذلك لمعاهدة سيفر، وأدى ذلك الى فتور و توتر في العلاقات بين بريطانيا والشيخ الحفيد الذي كان يراوده الأمل بإقامة كيان كوردي مستقل. حينها بدأت تظهر في كوردستان بوادر تحرك ثوري، فحاول المحتلون البريطانيون تقليص نفوذه، وإضعافه، مما دفع الشيخ الحفيد في نهاية الأمر إلى إعلان الثورة على الحكم البريطاني بعد أعلانه تشكيل الدولة الكوردية، وتنصيب نفسه ملكاً عليها، واتخذ له علماً خاصاً بدولته. وكانت ثورته أول ثورة تندلع ضد الإمبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية الأولى، فقام بالسيطرة على مدينة السليمانية في (21) أيار 1919م، بعد أن دحر القوات البريطانية وقوات الليفي التي شكلها البريطانيون للحفاظ على مصالحهم في المنطقة.أخذ الشيخ (محمود الحفيد) يوسع مناطق نفوذه، ونجح في الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة من القوات البريطانية، وتمكن من أسر عدد كبير منهم. واستطاعت قواته ضم مناطق(رانية) و(حلبجة) و(كويسنجق) متحدياً السلطات البريطانية. لكن البريطانيين جهزوا له قوة عسكرية كبيرة، ضمت الفرقة الثامنة عشرة، بقيادة الجنرال (فريزر) لقمع حركته، واستطاعت هذه القوات بما تملكه من أسلحة وطائرات حربية، أن تدحر قوات الشيخ محمود وتعتقله، بعد إصابته بجراح في المعارك، وأرسلته مخفوراً إلى بغداد، حيث أحيل للمحاكمة، وحكم عليه بالإعدام. وبصدد ذلك قال ال
في ذكرى رحيله: الشيخ الثائر (محمود الحفيد).. لم يجرؤ الانكليز على اعدامه ولقّبوه بالب
نشر في: 7 أكتوبر, 2009: 05:06 م