TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "عمامة" الزعيم

"عمامة" الزعيم

نشر في: 6 يونيو, 2014: 09:01 م

في تصريح سابق لنائب رئيس الوزراء الحالي صالح المطلك ، بثته إذاعة دولية ، حمّل الأحزاب الدينية وبالتحديد "أصحاب العمائم" كما وصفهم بانهم وراء اضطراب الحياة السياسية في العراق ،وانعدام فرص إقامة دولة مدنية تلبي تطلعات جميع العراقيين ،فشخص الرجل المشكلة وأسبابها ، فتبنى المشروع الوطني بالاتفاق مع إياد علاوي ، على تشكيل جبهة عريضة لخوض انتخابات عام 2010 ، وبعد النتائج وعلى الرغم من فوز القائمة العراقية بأكثر مقاعد مجلس النواب ، تشكل التحالف الوطني ، وحصل مرشحه نوري المالكي على الولاية الثانية رئيسا لمجلس الوزراء ، فيما اصبح المطلك نائبا له ، وانتهى المطاف بالمشروع الوطني على رفوف النسيان تفتح أوراقه عند الطلب ، عندما تتفاقم الأزمات ، المصحوبة عادة بلهجة تبادل الاتهامات ، وفي موسم رفع الحصانة عن رئيس الحكومة اطلق المطلك قنبلته الشهيرة واصفا المالكي بانه "ديكتاتور" فاهتزت أركان السماء ،وشن قادة ونواب ائتلاف دولة القانون هجوما من اربع جبهات على صاحب التصريح الخطير ، فارتفعت الأصوات المطالبة بإقالته من منصبه ، وإحالته للقضاء ، وهناك من استعرض ماضيه البعثي ، ودفاعه عن قتلة الشعب العراقي ، وقبل ان تصل الأمور الى حالة الانفجار ، واستنادا الى مبدأ "نبذ الخلاف من اجل عيون العملية السياسية" عن طريق التسويات وتبادل الاعتذار ، عاد المطلك الى منصبه عزيزا مكرما، واعلن ان وجوده في الحكومة ضرورة لتنفيذ مطالب أبناء المحافظات المنتفضة، وتحسين الأداء الحكومي ، وتحقيق مشروع المصالحة الوطنية .
عيون العملية السياسية التي يتغزل بها جميع القادة والزعماء فضلا عن كبار المسؤولين، جعلت أصحاب المواقف المتشددة تجاه الكثير من القضايا ، ضعفاء أمام سحر وجمال تلك العيون ، فحين يطالب احدهم باستجواب مسؤول كبير داخل البرلمان للاطلاع على أسباب تدهور الأوضاع الأمنية ، سرعان ما يتراجع عن المطالبة ، ويعلن استسلامه ويخر ساجدا أمام الجمال ويبدي ندمه على اطلاق "تصريحات " لا تسمع في سوق الصفافير .
تحت شعار "لأجل عيون العملية السياسية" تباينت المواقف واختلط الحابل بالنابل ، والمشهد العراقي اليوم ، بحسب "نشرة الأنباء السياسية" سيخضع لموجة ضغط إقليمية قادمة من الشرق والغرب ، مع هبوب عواصف رملية وتصاعد الغبار في مناطق وسط وجنوبي البلاد ، وارتفاع في درجات الحرارة ،تفوق معدلاتها الاعتيادية ، هذه الأجواء ستكون متزامنة مع بدء مفاوضات تشكيل الحكومة ، ويتطلع جميع العراقيين الى إنجازها ، باتفاق القادة على قاعدة عمل مشترك من شانها ان تقرب المواقف وتزيل العقبات وتحد من الخلافات ، وجرت العادة ان يتحقق الاتفاق بتقاسم المناصب، ومن المناسب هنا ولغرض غلق الأبواب أمام بروز خلاف جديد ، ان يرتدي المشاركون في جولات التفاوض الزي الموحد ، أما بارتداء الجراويات ، او العمائم او الطرابيش ، لإعطاء صورة الى المجتمع الدولي بان ساسة العراق متفقون بكل شيء ، وخير دليل على ذلك ، استعدادهم للتضحية من اجل عيون العملية السياسية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram