إذا كانت لديكم هواية متابعة أخبار الساسة والمسؤولين العراقيين، أتمنى عليكم أن ترجعوا بالذاكرة إلى الأسبوع الأول من معارك الأنبار، في ذلك الوقت خرج علينا القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي ليعلن وبالحرف الواحد ان القاعدة منيت بهزيمة وانها تلفظ أنفاسها الاخيرة، بعدها بأيام شاهدنا صورة السيد المالكي وهو يبتسم ليخبر قائد القوات المركزية الأميركية، الجنرال لويد أوستن بأن القوات العراقية وجهت ضربات قاصمة للإرهابيين ، يوم الأربعاء الماضي وفي كلمته الأسبوعية اعتبر السيد المالكي إنّ "القاعدة وداعش أصبحوا ملاحقين كالجرذان ولم تعد العملية صعبة كما كانوا يتصورون في بداية الهجمة، مؤكدا ان الإرهاب الآن لا يملك القدرة على المقاومة".
بعد 12 ساعة على خطاب المالكي بالتمام والكمال، تتسابق وكالات الأنباء لنشر أخبار سيطرة تنظيم داعش على عدد من أحياء مدينة سامراء، ولم تنته المعركة حتى نستيقظ على أخبار انتشار مسلحي التنظيم في الموصل ثم عملية احتجاز طلبة في الأنبار، ثم تفجير في العامرية يلحقه آخر في الكرادة ثم نتوقف عن العدّ.. الشرطة، الشعب، حي اور، بغداد الجديدة ، البياع
هذه هي الاخبار التي امامنا، يضاف لها معارك الساسة ضد الناس، وعنف الناس في ما بينهم، وصلافة البعض ممن يعتقدون أن بناء النظام يتم بطريقة خطف الكراسي والتسلل الى مؤسسات الدولة بشعارات كاذبة، ولهذا نجد أن أخبار العنف والخراب التي تتصدَّر نشرات الأنباء، هي نتيجة طبيعية للسياسة الفاشلة او لنسميها السياسة الخبيثة.
طبعا سيخرج علينا عدد من المحللين الاستراتيجيين ليخبرونا ان الاحداث الاخيرة تأتي في ظل تكثيف المفاوضات والنقاشات بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، لخلق نوع من الإرباك السياسي، كما اخبرنا امس القيادي في ائتلاف دولة القانون خالد الاسدي، ونسي السيد النائب ان هذه الاعمال الارهابية تتكرر كل يوم، ولم يتم بحثها أو التعلم منها أو البناء عليها في الخطة الأمنية لمواجهة الإرهاب.. وهذا في العرف الامني - بعد اذن الخبير الاسدي - يستدعي التحقيق، لا التعمية والتغطية واطلاق الأهازيج وهتافات النصر.
وقبل ان يخرج البعض ليلقي على اسماعنا دروسا بالوطنية، ويهزج بشعارات عن دعم قواتنا الامنية، اذكر عددا من الحقائق لا يمكن لعراقي ان يختلف عليها:
1- لا حياة ولا هدنة مع الإرهاب.
2 الإرهاب شرعية القتلة أيا كانت مبرراتهم.
3- لا أعذار للإرهاب ولا تبرير للقتلة.
اذا انتهينا من هذه المسلمات ، فعلينا ان ندرك ان الامن ليس سلب حرية الناس وإهدار كرامتهم، الأمن عملية لها أساليب علمية وقدرات وكفاءة يجب تطويرها، لا تطوير القدرات علی فنون الاستعراض والتبختر ومنح الرتب بعشوائية لضباط لم يبلغوا سن الرشد العسكري، المواطن العراقي لن يشعر بالأمن والامان في ظل عقليات تؤمن بان حماية المسؤول اهم من حماية الناس، وتغطي على الفشل الأمني بشعارات كاذبة عن الاجندات الخارجية والمؤامرة على العملية السياسية، الناس تريد جهازا امنيا كفوءا مهمته خدمة المواطن، فمن يحمي الفشل لا يعد أمينا على حياتنا .
ندرك جيدا أن الحكومة تتعامل بعشوائية مع ملفات خطيرة وهامة، وتتحرك بلا أي استراتيجية أو منطق وبلغت بها قلة الحيلة أنها صارت تخترع لنا كل يوم عدوا جديدا كي تلهينا عن العدو الحقيقي، وصارت معظم تصريحات قادتنا الأمنيين تثير المشاكل والأخطر غضب الناس، قد يكون السيد المالكي محقا لو انه خرج لنا ليقول أن الحكومة مع القوى السياسية كافة تدرس الاسلوب الامثل لمواجهة خطر الإرهاب من جميع جوانبه، أما أن يسارع المالكي ومقربوه إلى إثارة فزع الناس، فهو ما يزيد شكوكنا وريبتنا ويجعلنا نعتقد أن رئيس الوزراء يحضر لطبخة جديدة في الخفاء.
في كل الأحداث الأمنية الخطيرة تخرج علينا الماكنة الإعلامية للأجهزة الأمنية بسيل من البيانات المتناقضة، الأول يبشر العراقيين بالقضاء على رؤوس الإرهاب، والثاني يتكلم بخجل عن عشرات الضحايا الأبرياء، فيما ثالث تنتفخ أوداجه وهو يؤكد أن هناك خرقاً امنياً قد حصل ولن يتكرر.
مسؤولون يهملون البحث عن الأسباب، وينشغلون بالبحث عن المبررات، في العالم يعتبرون التقصير الوظيفي "فضيحة" تلاحق صاحبها الى القبر.. فيما قادتنا الاشاوس مصرون على ان نغرق معهم في بحر اللامبالاة، حين يوهمون العراقيين بانهم يعيشون أزهى عصور الاستقرار، وأن ما حدث مجرد سحابة صيف سرعان ما ستنجلي، فقط علينا جميعا الإيمان ان الولاية الثالثة هي الطريق نحو الخير والامان والاستقرار.
الفشل الذي يريد ان يحكمنا
[post-views]
نشر في: 7 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
أبو همس الأسدي
نعم هكذا يرى المتشبثون بالسلطة وأصحاب شعار ماننطيها ؟؟ان الاحداث الاخيرة تأتي في ظل تكثيف المفاوضات والنقاشات بشأن تشكيل حكومة الولاية الجديدة،بينما كل ذلك القتل والدمار والفواجع والمآسي وطوال عشرة سنين تأتي لخلق نوع من الإرباك السياسي،وكأنها تحدث اليوم
خليلو...
لم اجد سوى فسحة العمود الثامن ان اقول ما ياتي : في الساعة الثانية والربع صحوت من متابعتي لمراسيم الديمقراطية في ام الدنيا وعلى مدى ساعات المتابعة لم تخل متابعتي من قطر الدمع لما رايت وشاهدت ثم حين عدت الى الواقع كثر عندي الدموع انهمارا قارنت صورة الرجال