TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مؤتمر الأنبار والملطّخة أيديهم

مؤتمر الأنبار والملطّخة أيديهم

نشر في: 9 يونيو, 2014: 09:01 م
في أول اجتماع للجنة التحضيرية لمؤتمر الوحدة الوطنية لمحافظة الأنبار (الأحد) قال رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته إن "الأنبار هي مفتاح الحل ومنها يمكن أن نتحرك لتوطيد الوحدة الوطنية وتعزيز الأخوة بين العراقيين جميعاً"، داعياً الى "الانفتاح على الجميع وعدم استثناء أحد، فالهدف من المؤتمر هو جمع الشمل وإعادة اللحمة".
دعك من كون هذا الكلام يأتي متأخراً جداً، سنة كاملة أو أكثر أو في الأقل 6 أشهر، ودعك من مدى الجدية في السعي، من خلال هذا المؤتمر، الى حل لمشكلة الانبار التي هي جزء من مشكلة أعم وأشمل، فالأمر المحيّر أكثر من غيره في كلام السيد المالكي قوله في الفقرة التالية انه "سيتم الصفح عن الجميع إلا الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين، والحكومة ستُسقط الحق العام عن كل الذين أخطأوا وغُرر بهم ومالوا الى صفوف العدو، وستفتح صدرها لكل من يريد مراجعة مواقفه والالتحام بالصف الوطني".
السؤال الآن كيف سنميّز بين الأيدي التي تلطخت بدماء العراقيين والتي لم تتطلخ؟ ومن ذا الذي سيتولى التمييز؟ هل سنستورد أجهزة تتعقب آثار الدماء المسفوكة ظلماً وعدواناً، أو أخرى لكشف الكذب عند بدء عملية التمييز لكشف القتلة وسفكة الدم؟.. وقبل هذا: ما معنى التلطّخ بالدم؟ هل يقتصر على عمليات القتل المباشر بالرصاص أو بالسكاكين أو بالقذائف أو بالمفخخات، أم انه يشمل تمويل عمليات سفك الدم وإزهاق الأرواح والتشجيع والتحريض عليها والتواطؤ مع مرتكبيها وتوفير التسهيلات اللوجستية لهم؟
من اللازم تحديد أجوبة واضحة لهذه الأسئلة سلفاً حتى لا يختلط الحابل بالنابل، ولكي لا تكون قرارات التجريم والتبرئة كيفية. لدينا الآن العشرات، بل المئات، من المسؤولين العسكريين والأمنيين والمدنيين من عناصر نظام صدام حسين الملطخة أيديهم بالدماء يتولون مسؤوليات في دولتنا تجعلهم في موقع القادر على سفك الدم وإزهاق الارواح من جديد، في مقابل الآلاف ممن عوقبوا لمجرد كونهم أعضاء في حزب البعث من دون التدقيق في تاريخهم للتمييز بين أصحاب الايدي المتلطخة بالدم والايدي غير المتلطخة، ذلك ان اجراءات المساءلة والعدالة أُخضِعت للمزاج وللمصالح الحزبية والشخصية لمن في ايديهم الحل والربط في دولتنا.
وفي دولتنا هناك العشرات ممن تلطخت أيديهم بالدم في العهد الجديد وموّلوا العمليات الارهابية وحرّضوا عليها وعلى الحرب الطائفية وشتموا الدولة والحكومة والبرلمان ورئيس الحكومة شخصياً، وصاروا بقدرة قادر أصدقاء مقربين لمسؤولي الدولة ورئيس الوزراء شخصياً، ولا تستبعدوا منحهم مقاعد في البرلمان الجديد أو الحكومة المقبلة!
ولدينا الآن أيضا الآلاف من مزوري الشهادات الذين يتقلدون وظائف مرموقة، والآلاف من السجناء والمعتقلين السياسيين المزيفين الذين يتمتعون بحقوق السجناء والمعتقلين الحقيقيين، بل هناك المئات ممن يتمتعون بحقوق الشهداء وهم ليسوا بشهداء وليس في عائلاتهم شهداء!
وفي دولتنا يمشي الآلاف من الفَسَدة مالياً وإدارياً بطولهم مختالين ومتبخترين من دون خوف أو وجل، ولا أحد يقول لأي منهم: على عينك حاجب، برغم قانون مكافحة الفساد المالي والاداري النافذ!
أخيراً، هل مشكلة الانبار، والمشكلة الأم الممتد نطاقها الى نينوى وصلاح الدين وديالى وبغداد، يمكن حلّها بمجرد الصفح واسقاط الحق العام عمن "أخطأ وغُرر به ومال الى صفوف العدو"؟
وهم......!

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو احمد

    استاذ عدنان اعتقد انهم سوف يستوردون جهاز خاص للكشف عن من تلطخت ايدهم بدم العراقيين او الابرياء من الناس . وهذا الجهاز اعتقد بدأ بعض الخبثاء يفكورون لكي يقدموا عطاتهم لتوفير هذا الجهاز لانه يعرفون انها ضايعة (فطيم بسوك الغزل) . اما ابناء العراق فاجرهم عند

  2. ابو سجاد

    المشكلة ماكو واحد قريب عليه اخو خيته ويضربه على حلكه

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram