اقيم معرض في المتحف البريطاني يكشف عن اسرار قديمة تعود الى مرور 5,000 عام على المومياءات القديمة. وفي مدخل القاعة وضعت صورة قديمة لمومياء غير ملفوفة ، تحيي الزائرين للمعرض الجديد في المتحف الذي حمل عنوان : "حياة قديمة واكتشافات جديدة : ثماني مومياءا
اقيم معرض في المتحف البريطاني يكشف عن اسرار قديمة تعود الى مرور 5,000 عام على المومياءات القديمة.
وفي مدخل القاعة وضعت صورة قديمة لمومياء غير ملفوفة ، تحيي الزائرين للمعرض الجديد في المتحف الذي حمل عنوان : "حياة قديمة واكتشافات جديدة : ثماني مومياءات، ثماني قصص". والصورة التي في المدخل تعود الى عام 1908، وقد اثارت في حينها الفزع والخوف.
وهذه الصورة رمزية ، وهي لهيكل عظمي لذكر من السلالة الـ 12 يدعى خنوم – ناخت، ممدد على منضدة. وقطعة القماش التي كان الهيكل العظمي ملفوفاً بها ، موضوع مع الحاجيات التي كان يمتلكها. ويبدو ايضاً فريق من الباحثين واقفين حوله، ومن بينهم الباحثة الرائدة مارغريت موراي، والتي كانت اول امرأة تم تعيينها لتلقي المحاضرات في المملكة المتحدة. وهي ترتدي مئزراً من غير ذراعين وشعرها مرفوع الى الاعلى.
وعملية رفع اللفافات عن الهيكل العظمي تمت في متحف مانجستر أمام جمهور يربو على 500، يتوقون للنظر الى السر وهو يكشف امامهم.
وكان مثل هذه العمل (اي نزع اللفافات عن المومياء) امراً مرغوباً من الحاضرين، في اوائل القرن العشرين، عندما كان علم "المصريات" جديداً آنذاك. ويبدو في الصورة ان عملية رفع اللفافات، كانت تتم بدون عناية ما يؤدي الى تمزيقها احياناً. في حين انها كانت قطعاً من الأقمشة الرقيقة، كان يتم لف الميت بها لتأمين حياة الشخص في الحياة التالية، وكانت تلك العملية الغاية الاسمى لحماية الجسد بعد الوفاة.
وفي عام 1908، يبدو ان الخوف كان قليلاً من الظواهر الخارقة التي قد تحدث إزاء إقلاق الميت، ولكن هوارد كارتر اكتشف في عام 1922 مقبرة الملك توت عنخ امون، وهو امر اثار ضجة عالمية. ومنذ ذلك الحين بدأ الهوس بالمومياءات، وضخمت وسائل الإعلام ما يدعى بـ " لعنة المومياء". وعرض في عام 1932، فيلم من انتاج هوليوود بعنوان "المومياء" ويقول : كل من يفتح التابوت يكون عقابه "الموت الأبدي".
وردّ على ذلك المؤرخ الثقافي روجر لوكهيرست ان اللعنة كانت في الحقيقة مخاوف الاستعمار البريطاني من استقلال مصر، في العشرينات من القرن العشرين. كما انه وصف اهمية المتحف البريطاني والذي تأسس عام 1753، وتم نقل عدد من المومياءات في القرن التاسع عشر والقرن العشرين اليه ، ثمانية منها تعرض في المعرض الحالي.
ويهتم المعرض بارشاد الزائرين الى تكنولوجيا حديثة (CT) لفحص المومياء بدلاً من تمزيق الأربطة المشدودة بها. وتتفاوت أعمار المومياءات الثمان من مغني المعبد الذي يبلغ السابعة من العمر والى حارس الباب. وهناك كفن رائع ذهبي، يضم طفلاً في الثانية من العر. وهناك ايضاً رجل بلحية مصبوغة على وجهه، مع ثديين نسويين. وهو يعود الى ما قبل 4,000 سنة.
ومن المعلوم ان عدداً كبيراً من الوثائق المهمة فقدت. لعدم العناية بها في خلال عمليات الاستكشافات آنذاك.
وهناك في المتحف صورة فوتوغرافية اخرى التقطت حديثاً، لمومياء ملفوفة وموضوعة على جهاز "سكانر" في المستشفى الملكي في برومتون. والسطح الاصفر – البني للجسد يتعارض مع الأجواء البيضاء للمستشفى. وهذه الأجهزة الحديثة ، تتيح لنا صورة ثلاثية الأبعاد للجسد تحت تلك الثياب – من خُرّاج سِنِّه الى الطعام غير الممضوغ في معدته والى تحديد عمره وجنسه وحالته.
والمومياء الاولى في المعرض غير اعتيادية ولانها بقيت في عهدة قوة غير طبيعية، ومن ينظر اليها يعتقد انها ستستفيق من النوم. كان الرجل الشاب في العشرينات او أوائل الثلاثينات، عندما طوى جسده على هيئة جنين وتوفي بعد ذلك. وقد دفن في مصر العليا، ولم تجر عليه عمليات التحنيط الاعتيادية ولكنه بدا وكأن الرمال الحارة والأرض الجافة قد قامت بتلك المهمة. لقد مضى عليه 5,000 عام ولكنه ما يزال يبدو حياً. وهناك فيلم يعرض كيفية العثور عليه. إذ يبدو جسده تدريجياً وشعره وأظافره (ماتزال كما كانت). وهذا المعرض مهم جداً للبالغين والاطفال ايضاً، وهناك عدد من الشاشات التي تعرض افلاماً تشرح طبقات كل مومياء والتفاصيل التاريخية.
ومن المومياءات المثيرة للاهتمام، تلك التي تعود لـ (تاموت) وكانت ابنة رجل دين مهم من طيبة ، والتي ما تزال في تابوتها المصنوع من الذهب الرائع، ومحاطة بكفن باللونين الأحمر والأزرق، لم تُفتح قط. ولكن التكنولوجيا السحرية، كشفت عنها، وعن التميمة المدهشة التي كانت موضوعة على جسدها بعد الموت. ويبدو انها كانت عزيزة جداً على اهلها. اذ تم وضع عينين صناعيتين من الزجاج او الحجر على مجرى عينيها، وهناك ايضاً قطع ذهبية موضوعة على قلبها ورقبتها، وكانت هناك ايضاً مقاطع من كتاب الموتى يعود الى ما قبل 1450 قبل الميلاد، وجاء فيها : (اعيد اليك قلبك واضعه في جسدك) وكان القلب سابقاً وليس الدماغ مركزاً للأحاسيس في مصر القديمة.
وعملية التحنيط كانت ترافقها طقوس عدة: بعد 35 يوماً من تجفيف الجسد، كان الدماغ ينقل من الرأس ويتم ذلك بإدخال سنارة عبر المنخرين. اما الوجه فيتم لفه بدثار او ضمادات من الأنسجة وفي خلال عملية التجفيف يفقد الجسد امتلاءه. كما تتم إزالة الأعضاء الاخرى وتحزم، ثم تعاد الى الجسد. اما الجرح الذي يحدث في الجذع فيتم اغلاقه بعين حورس، الذي يمتلك قوة الشفاء.
وفي هذا المعرض، يحس المرء باعتدائه على اناس ماتوا منذ زمن بعيد، وكانوا لا يرغبون قط ان يتم عرضهم على الناس. لقد حفظوا أجساد موتاهم بحرص وعناية كي لا يتم الكشف عنهم ومع ذلك فمن اجل الاطلاع والبحث، تم استخراج تلك الأجساد وتعرضت للأشعة وكشفت أسرارها أمام الملأ.
ومع ان هذا الأمر قم تم لأسباب علمية، فان هناك إحساسا لدينا من انهم لاينتمون الينا، ولايجدد بقاؤهم في هذا المكان.
عن: الغارديان