في سِنيّ المعارضة الطويلة لطالما عبنا على صدام حسين تفرده باتخاذ القرارات وإحاطة نفسه بعصبة من الأقارب والأتباع عديمي الكفاءة والخبرة، ما أدى، الى جانب رعونته وعناده، الى خراب البلاد.
كنّا يومذاك نحاجج بان كل ما يفكّر به صدام غير سديد وكل ما يخطط له غير سليم وكل ما ينفذه فاشل. وعوضاً عن الدليل الواحد كانت في جعبتنا العشرات من الأدلة، من تهميش حزبه وتصفية قيادته وتولية غير الأكفاء قيادة المفاصل الرئيسة في الدولة، ومحو كل أثر لحرية التعبير ولاستقلال القضاء، واستحواذه على كل مصادر القرار في الدولة.
استثمرنا فشل صدام في تحقيق أهدافه من وراء إشعال نار الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988)، واستخدمنا هزيمة صدام في مغامرته الكبرى بغزو الكويت واحتلالها(1990 – 1991)، لندلل على صواب تحليلاتنا ومواقفنا.
أكثر من هذا كنّا نطالب ونلحّ في الطلب، كل ذلك الوقت، بمساءلة صدام ومحاكمته ولم نملّ دعوته الى الاستقالة ليجنّب البلاد المزيد من الخراب وليحفظ لها ما تبقى من قوتها الاقتصادية والدفاعية، وكنّا نقول ان تحميل صدام حسين المسؤولية عما حلّ بالبلاد واستقالته هما أقل ما يتعين عليه فعله. وفي هذا الاطار كنّا نحاجج بأن صدام أخضع كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لنفوذه ووضعها بين أيديه.
يومذاك كنّا أحزاباً وجماعات كثيرة، كلها تقريباً تعمل الآن بنشاط في البلاد، وبعضها تحول الى سلطة حاكمة، وعلى رأس هؤلاء حزب الدعوة الإسلامية الذي يُنظر إليه بوصفه الحزب الحاكم، وتتصرف قيادته في الواقع على هذا الأساس وان لاذت خلف ستارة دولة القانون.
الآن أيضاً يوجد بيننا، نحن معارضي صدام السابقين، من يرى ان من يتولى مقادير الأمور في البلاد، وهو رئيس الحكومة نوري المالكي الذي يتزعم حزب الدعوة وائتلافه دولة القانون، قد تصرّف طيلة سنوات ولايتيه، وبخاصة السنوات الأربع الأخيرة، على نحو لا يختلف كثيراً عن الطريقة التي كان صدام يُدير الدولة فيها، وبوسعنا ان نحاجج بالعشرات من الأدلة.. وآخرها الكارثة الحاصلة الآن الممتد نطاقها من نينوى الى صلاح الدين وكركوك وديالى، وقبلها الأنبار، فهو – السيد المالكي – استحوذ على السلطات كلها، وأضعف سلطة البرلمان والسلطة القضائية وسلطة الهيئات المستقلة جميعاً، وأحاط نفسه أيضاً بأهله وأقاربه والخاصة من حزبه، ولم يستمع الى التحذيرات والنصائح... والنتيجة؟ هي نفسها التي واجهها العراق مع صدام .. دولة فاشلة في كل ميدان وعلى كل صعيد ... والهزيمة العسكرية في الموصل وتكريت وسواهما وقبلها في الفلوجة، هي عنوان صارخ لهذا الفشل مثلما كانت هزائم صدام في الحرب ضد ايران وفي غزو الكويت وفي حرب 2003 هي جميعا عناوين صارخة لفشل دولة صدام.
الكرة الآن في ملعب حزب الدعوة ليقرر كيف يتصرف.. يمكنه أن يختار الموقف نفسه الذي التزمه حزب البعث ليتواصل الخراب، أو يتأمل ويراجع ويبحث ويُسائِل ويحاسب، فينجو ويُنجي العراق معه من خراب أشد وأعظم.
الكرة في ملعب الدعوة
[post-views]
نشر في: 13 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عساكم بخير
استاذي العزيز شخصيا لانختلف معك في تحليلك للامر ولكن علينا ان نعرف ونعي جيدا وانت وانا والجميع يطالب حزب الدعوة باتخاذ قرار لنرجع قليلا الى الوراء ونسترخي ونفتش في الاوراق القديمة من هو حزب الدعوة او باللاحرى من هي الاحزاب الاسلامية وكيف تشكلة وعلى اي قاع
قاسم عطا
الناطق باسم مكتب القائد العام (عطا) قال قبل للحرة (ان القادة الذين تركوا مواقعهم و هربوا, يمارسون عملهم الان في بغداد) كنت اتوقعه ان يقول مثلا انهم قيد التحقيق..